الصحوة – عمر المعني
يقال بأنه لا حدود للفن والإبداع، وهذا ما أكده لنا الفنان التشكيلي العماني عبد الكريم بن عبد الله الرواحي أحد الشباب العمانيين المبدعين في مجال الفن، حيث يجعل المادة الخام كالرخام والخشب والحديد وسيلة للأبداع، هو خريج جامعة السلطان قابوس وحاليا معلما للفنون التشكيلية، وعضو بالجمعية العمانية للفنون التشكيلية وعضو بمرسم الشباب ومؤسسة بيت فن صحار.
وبسؤال عبد الكريم عن بداية الرحلة مع فن النحت، قال: أن بداية الرحلة كانت منذ عام 2005 إلى 2009 حيث كانت في البداية تتمحور حول النحت على الحديد والرخام، أما البداية الفعلية والتوجه الحقيقي لممارسة فن النحت كان من خلال الورش الفنية والدورات التدريبية التي كان يقدمها مرسم الشباب، وتعد ورشة التشكيل بالمعادن والأسلاك المقامة في محافظة البريمي في عام 2009 وفي صحار في عام 2010 من أبرز الورش التي ألتحقت بها، وأضاف أنه من خلال هذه الورش كانت الانطلاقة الحقيقية لعبدالكريم الرواحي، حيث بوسعنا القول أن سنة 2009 هي بداية المشوار.
وقد خاض عبدالكريم الرواحي غمار التشكيل على الرخام في عام 2012، حيث كان النحت على الرخام والحجر بمختلف أنواعه هاجسا يراوده منذ فترة طويلة عن ماهية التشكيل على الرخام والحجر، حتى انتهز الفرصة في عام 2012 واستطاع من المشاركة في “سمبوزيوم مسقط الدولي للنحت” بحضور خمسة من النحاتين النخبة حول العالم. فقد أتاح هذا القرار لعبدالكريم الاستفادة والاحتكاك بالخبرات الموجودة في الملتقى، ويعد العمل بجوار النحاتة الصينية زهاولي فارقا كبيرا لما شكله ذلك من أهمية للمشوار الفني. وبالنسبة للنحت على الحديد فإن الخصائص الجمالية له وألوان الصدأ والأكسدة جميعها وطريقة التعامل معها أدت إلى وجود علاقة بين عبدالكريم والمادة الخام.
وبالتطرق للمحافل والمشاركات التي ألتحق بها عبدالكريم الرواحي، فقد كانت هناك محافل محلية وإقليمية ودولية، فعلى الصعيد الدولي كان أولها في عام 2010 في معرض جامعة كاردف في بريطانيا، ثم يليه ملتقى النحاتين الخليجيين في البحرين في عام 2015، ومعرض موناكو آرت فير في فرنسا في 2016، ومن ثم تم الإلتحاق بملتقى مراكش الدولي الثالث بالمغرب في عام 2017 كما شارك في نفس العام في بينالي ساريا للفنون في أسبانيا وسمبوزيوم الأصمخ الدولي في قطر، وسمبوزيوم الفنون التشكيلية الدولي للنحت في تونس عام 2018، وسمبوزيوم إيطاليا الدولي للنحت في 2019. كما كان لعبدالكريم الرواحي العديد من المشاركات المحلية تتمثل في مخيم النحاتين الدولي في سلطنة عمان و سمبوزيوم مسقط الدولي للنحت والرسم وملتقى النحاتين العمانيين في عام 2013. حاز عبدالكريم على العديد من الجوائز أهمها جائزة المركز الأول لخمس مرات.
وعن العقبات التي واجهت عبدالكريم الرواحي في مشواره الفني، هي كون النحت على الخامات يتطلب العمل المستمر والإنخراط في الورشات التدريبية لأن هذا العمل يتطلب الممارسة، كما يتطلب أيضا وجود المكان المهيأ والمجهز بالآلات والمعدات، حيث أن هذه المقومات لم تكن متوفرة في البدايات، ومن الصعوبات أيضا هي تقبل المجتمع والجمهور لهذه الأعمال النحتية، لأن هذه الأعمال تعد من الفنون الحديثة، ولكن في السنوات الأخيرة أصبح الجمهور أكثر تذوقا لهذه الأعمال. وكانت العلاقة بين عبدالكريم والمادة الخام المستخدمة للنحت عليها هي أساس الخروج بتحفة فنية.
في الغالب ما يتبنى الفنان فكرة لأعماله، فعبدالكريم يتخذ من الشخوص البشرية قاعدة أساسية لأعماله الفنية، ففي أعمال عبدالكريم نجد أن الإنسان هو مصدر السيادة فيها، حيث أن الظواهر المجتمعية والإنسانية هي اللبنة الأساسية لهذه الأعمال الفنية، هذا بالنسبة لخام الحديد، أما بالنسبة للنحت على الرخام، فهي شبيهة للأعمال على خامة الحديد، فهناك دائما رسالة متبناه في هذه الأعمال تتجسد في إبراز الصراع الذي يعيشه الإنسان مع الطبيعة والتحديات والعقبات التي تواجهه.
وقد وجه الفنان التشكيلي عبدالكريم الرواحي رسالة للفانين في هذا المجال، كون عماننا الحبيبة تزخر بكوكبة من النحاتين في مختلف المجالات ومختلف الخامات، فإن النحت يحتاج إلى الكثير من التضحيات لأن جميعنا نحمل عمان على عاتقنا بجعلها أيقونة النحت الحديث في الوطن العربي والدولي ووجهة النحاتين من مختلف دول العالم.