الصحوة – ظافر بن عبدالله الحارثي
قبل بدء قراءة هذا المقال دعوني أحيطكم علمًا بأن هذه المقالة استباقية استقرائية استشرافية أعكس من خلالها مستوى الطموح الذي أود أن يصل إليه القانون بعد عشرون عامًا من الآن بإذن لله، ولاشك بأن كلمة القانون هنا هي رمزية تمثل منظومة القضاء والرقابة والتشريع وكل نظام وعنصر يندرج تحته، فضلا عن البيئة والعوامل اللتان يسهمان في الأخذ بيد القانون لمراتب مرموقة.
الإنسان والقانون وجهان لعملة واحدة، ومصيرهما مرتبطان ببعض فلا الإنسان قادر الاستغناء عن القواعد التشريعة ولا يتصور وجود الاخر دون الأفراد، وفي المقابل الإنسان دون غيره هو العنصر الأساسي للنظام القانوني في المجمل، وبالتالي فيما يخص اقليم دولتنا نتطلع بشغف تمكين الكفاءات القانونية الوطنية بشكل كامل، بحيث أن في عام ٢٠٤٠ تدار العملية القانونية (والتي تتضمن مزاولة العمل القانوني المختلف، الوظائف والصفات القانونية المتعددة، وعملية التعليم والتدريب في المؤسسات، وأعمال الخبرة والاستشارة وغيرها) بواسطة أبناء الوطن دون الاستعانة بخبرات خارجية.
وعندما نصل إلى تلك اللحظة المنشودة، أرجو أن نكون قد أتممنا بنجاح ربط المنظومة العدلية وكافة أجهزتها الشريكة بالتقنية الحديثة المتطورة والمواكبة، بحيث أن تصبح خدماتها وإجراءاتها مرنة وواضحة ومتاحة لدى الأفراد، ليسهل عليهم عملية مراجعة الحقوق أو مطالبته، على أن تصبح هذه التقنية أيضًا متوغلة في الجهات العدلية والقضائية فيما بينها لتجويد العمل وتحقيق الكفائة والدقة والسرعة، ومحققة أعلى مراتب الأمانة للمستندات والأعمال من ناحية مأمونية عملية الحفظ، وسهولة الرجوع والإطلاع، وغيرها مما يعكس مبدأ العدالة الناجزة والشفافية المطلقة؛ وعلاوة على ما سبق يفترض أننا في ذلك الحين نمتلك جهاز رقابي فعال مشترك بين الدولة والأفراد، مستقل عن كل ما يقدح في حياديته وميله، فضلا عن كونه صديق منسجم مع كل تصرفات الحكومة، ومُركز في هيئته أي أنه غير متشعب.
أما التشريعات والقوانين لابد أنها تتصف بالمرونة تواكب إرادة المجتمع وتلبي حاجياته، تضمن إرساء أسس العدالة والاستقرار والنظام، تهيئ بيئة مثالية للممارسة قضائية أفضل واستقلالية فنية وإدارية تامة، وذلك لما يترتب على ذلك من تحقيق الامان المجتمعي، ونمو الاقتصاد، وتحقيق الرفاه الاجتماعي، وتعزيز الثقة والائتمان، وإفساح الفرصة لإطلاق الإبداع، ولتصبح عملية الالتجاء للقضاء عملية سلسة غير مرهقة؛ وفي المقابل تعزز الوسائل البديلة للقضاء، وتفعيل القضاء الخاص الذي يتمثل في نظام التحكيم بحيث أن يتم إصلاح كل عوائقه وكل ما يؤثر في إنتشاره بين المتقاضين حتى يتوزع الخصوم بينه وبين قضاء الدولة بالمناصفة، والذي أيضًا نتوقعه أن يفض النزاع ويحكم في الخلاف خلال مدة لا تتجاوز ١٢٠ ساعة.
بعد عشرون عامًا أتطلع بأن يكون المجتمع ليس فقط ملمًا بالثقافة القانونية بل قادرًا على خلق حراكًا ثقافيا قانونيا نشطًا، وحتى نصل لذلك لابد الإنطلاقة تكون من الطلاب في كليات الحقوق والجهات التدريبية المختلفة التي تعد صاحبة الدور الكبير في إخراج كفاءات متجددة تترك الاثر وتحرك الحجر، وفي ٢٠٤٠ نأمل بأن تكون مؤشرات مدركات الفساد قد تلاشت، ومؤشرات الوضوح والسهولة في ممارسة الأعمال قد إرتفعت، ومؤشرات سيادة القانون والمسائلة قد وضعتنا من أفضل الدولة الـ١٠ عالميًا، وفي النهاية أرجو أننا قد واصلنا وثابرنا بما ورد في وثيقة رؤية عُمان٢٠٤٠ من أهداف وخطط بحيث أننا انتبهنا لتلك التفاصيل الدقيقة ثم تأكدنا من مدى كفائتها وملائمتها، ونفذناها وجنينا ثمارها قبل موعدها.