الصحوة – الدكتورة أمل البلوشية
الطنين.. صوت يزعجك أشبه بالصرير أو الرنين في إحدى أو كلتا أذنيك، صوت لا يسمعه غيرك يقرع طبوله في رأسك وحدك حتى طبيبك ولا أجهزته يمكنها تسجيله فهو أسيرك وأنت أسيره في هذا العالم وتم تعريفه على أنه إدراك حسي للضوضاء وهو ليس مرضًا في حد ذاته، وإنما عرض لمرض أو حالة قد تتصل بالأذن أو غيرها، وقد يكون في صور متعددة منها كما ذكرت سابقًا كهيئة رنين، أو صرير، أو أزيز، أو همهمة، أو هسهسة، أو صوت نبض كالخفقان، أو صوت يشبه الموسيقى، أو الغناء.. وقد تكون محظوظًا إن كانت الأخيرة.
وقد تكون عرض عابر لا يستمر سوى لثواني معدودة أو قد يصاحبك لفترة أطول، فيؤذيك نفسيًا ويضج مجلسك، و يزداد قلقك بهذا الضيف المزعج ولكن متى يمكنك زيارة الطبيب العام أو الذهاب للطواريء بسببه؟ سأقوم بتوضيحه في هذا المقال لاحقًا.
أوضحت أخر الدراسات المتعلقة بإحصائيات الطنين في الإنسان إلى تزايد حدوثه كلما زاد العمر وبأن الرجال أكثر عرضة له من النساء ويعاني من الطنين ما يقارب ١٠ الى ١٥٪ من سكان العالم أي ما يقارب الثلاثين إلى الأربعين مليون نسمة وقد تكون أنت منهم، و ٨٥٪ منهم يعانون من مشاكل متعلقة بصحة الأذن والسمع.
أسباب الطنين:
قد يكون مسبب الطنين سبب بسيط ويمكن تفاديه وهو تراكم الإفرازات الشمعية في القناة السمعية بالأذن الخارجية، أو وجود أي جسم غريب يسدها أو أي التهاب حاد بالأذن، ولكنه قد يكون أيضا نتيجة لأسباب متعلقة بالفقدان السمعي الحسي العصبي خاصة المتعلقة بالتقدم بالعمر أو المرتبطة بالتعرض للضوضاء العالية (مثل التعرض لصوت رمي الرصاص، أو المحركات صاحبة شدة صوت عالية) والتي قد تسبب إلى تلف الشعيرات الحسية بالأذن الداخلية والتي تحمل رسائل ترجمت الصوت بصورة مشوهه يترجمها الدماغ على أنها ضجيج وطنين. كما يمكن أن يكون مرض تصلب العظيمات بالأذن الوسطى أحد أكبر المسببات لوجود الطنين بالإضافة لمرض منيير الذي غالبًا ما يكون مصاحبًا بالدوار أو يكون نتيجة للاختلال الوظيفي لقناة استاكيوس وهي قناة تربط التجويف البلعومي الانفي بالأذن الوسطى. هذا ويؤدي بعض الأورام كالورم الحميد في العصب السمعي أو ما يسمى (الورم الشفاني الدهليزي) عادة لوجود طنين بالأذن المصابة.
هذا و توجد عوامل لا أذنية تؤدي لوجود الطنين كاضطرابات المفصل الصدغي الفكي والتي قد يؤدي الاحتكاك بالمفصل أو الطقطقة به إلي سماع صوت الطنين بالأذن.
قد تسبب إصابات الرأس كذلك في سماع طنين بالاذن والتي تكون غالبا في إحداهما نتيجة تلف أو تأثر الاذن الداخلية أو الأعصاب السمعية الحسية أو الوظائف المركزية بالمخ بهذه الإصابة.
قد يكون الطنين نتيجة لسماع صوت تدفق الدم بالأوعية الدموية بالرقبة أو الاذن الوسطى و هديرها والتي يترجم بصورة طنين نابض ويسمى (الطنين الموضوعي) والذي يمكن للطبيب سماعه بعض الأحيان وقد يكون بسبب فقر الدم أو بسبب تصلب الشرايين.
ولابد من تسليط الضوء كذلك على أن بعض الأدوية قد تؤدي لوجود الطنين كأحد آثارها الجانبية كالأسبرين، والبروفين، وبعض المضادات الحيوية كالجينتاميسين وسيبروفلوكساسين وكذلك بعض الأدوية المستخدمة لعلاج الملاريا كالكوينين أو بعض معالجات السرطان الكيماوية كالسيسبلاتين.
ولكن السؤال متى يمكنك الذهاب للطبيب لعلاج هذا الطنين؟
غالبا الطنين يختفي تدريجيا مع الوقت، ولكن اذا ما استمر لمدة أو كان حدوثه بشكل مفاجيء بإذن واحدة أو صاحبه فقدان للسمع شديد أو تزامن مع وجود دوار هنا تحتاج مراجعة الطبيب بأقرب وقت أو قسم الطواريء .
الطنين المستمر كذلك يحتاج مراجعة الطبيب خاصة إذا صار مزعجا ومستمرا حتى بوقت النوم.
من المهم مراجعة الطبيب وقياس مستوى السمع لمعرفة إذا ما كان السبب هو وجود صمم عصبي حسي أو تصلب عظيمي بالاذن الوسطى أو غيرها من المسببات.
أما عن طرق علاج الطين، فيكون بعلاج المسبب في حالة وجوده فلو كان السبب هو تراكم الشمع فإزالته تخلصك من الطنين وهذا ما يحصل كذلك في علاج الالتهابات الأذن أو تصلب عظيمات الاذن إذا ما كانت هي المسبب.
وإن كان المسبب هو الدواء الذي تتناوله مؤخرًا، فعليك مراجعة طبيبك وتغييره لك حتى يخلصك من هذا الطنين والأمر ذاته في حالة وجود أي مرض سواء المتعلق بالأوعية الدموية أم الأورام بعد تشخيصها وإيجاد العلاج المناسب لمرضك سيكون الحل والعلاج الأمثل لإنهاء هذا العارض المزعج.
أما في حالة وجود الطنين المصاحب لفقد السمع، فيكون استخدام السماعات الطبية أو السماعات التي تعمل كقناع يخفي أو يخفف من حدة صوت الطنين هو الحل الأمثل للتخفيف منه خاصة إنه يعمل على تحسين جودة السمع وفلترة صوت الطنين مما يسهم في تجاهله.
هذا ويمكن إستخدام بعض الأدوية كمضادات الأكتئاب و المهدئات التي قد تساعد في التخفيف من التوتر والقلق الناتج عن الطنين، ولكنه لا تعالجه وكذلك في بعض الحالات يتم الإستعانة بدواء البيتاهيستين المستخدم عادة لعلاج مرض مينير والذي يسهم في زيادة تدفق الدم إلى الأذن الداخلية ويقلل من تراكم السوائل بها، الأمر الذي يقلل من أعراض الدوار والطنين التي يعاني منها المريض.
ولأنه لا يوجد علاج معين وجذري لمشكلة الطنين فإن تجاهل صوت الطنين قد يساعد في قلة التفكير والإنشغال به وكذلك اللجوء لسماع خلفيات موسيقيه أو قرءانية أو أصوات من الطبيعه مثل صوت خرير الماء قد يلعب دور هام في فلترة صوت الطنين وتجاوزه.
وأهم من العلاج هو الوقاية ولذلك ينبغي علينا أن نحافظ على صحة السمع وتجنب التعرض للأصوات العالية واستخدام السدادات الأذنية خاصة إذا اضطررت للوجود في بيئة عمل بها تلوث ضوضائي.
كما نؤكد على ضرورة مراجعة الطبيب عند ملاحظة وجود طنين في إحدى أو كلتا أذنيك بعد اخذك لدواء معين أو بعد الإصابة في الرأس أو تزامن حدوثها فجأة مع فقدان للسمع.
وهنا تتبين مدى أهمية العناية بصحة الاذن والسمع وقياس مستواه مع الطبيب المختص لايجاد التشخيص والعلاج الأمثل عند وجود أي عارض وعدم إهماله.
هذا ويجب تسليط الضوء على أهمية حاجة المصاب بالطنين بالالتحاق لمجموعات الدعم المختصة بمساعدة مرضى الطنين التي تسعى في مناقشة المريض وتوضيح مشكلته وتتفهم ما يعانيه وتساعده في كيفية التعامل والتكيف مع الطنين لحياة أقل ضجيجاً وأقل توتراً.
صحة سمعك مسؤوليتك، لا تتردد في شرح معاناتك مع الطنين ومشاركة ما يقلقك مع طبيبك فهو وسيلة الله في الأرض ليساعدك لإيجاد سبب مشكلتك وسيحاول في إيجاد الحل المناسب إن وجد.