الصحوة – فاطمة الشريقية
يولد الإنسان في هذه الحياة دون أن يختار عائلته ونسبه ، فإما أن يجد نفسه قد ترعرع بين عائلة أو أن ينشأ في دار غير دياره ، يتيم الأبوين أو أنه ترك هكذا بسبب “غلطة” ليتلقى ذنبا ليس بذنبه .. كما أن هناك أشخاص يأملوا أن يصبحوا آباء وأمهات إلا أن القدر شاء أن يعاكس أمنياتهم ، إلا أن هناك بدائل يستطيع من خلالها أن يمارس المحرومين الأبوة والأمومة وأن يشعر الأطفال بحب الوالدين وعطفهم من خلال ” احتضانهم” ، لكن ثقافة احتضان الأطفال في السلطنة لا زالت ضئيلة.
الاحتضان في معناه قريب من الكفالة ، والاحتضان هو رعاية أطفال لأبوين غير معروفين وجعلهم في منزلة الابناء ، ويتم احتضانهم وفقا لبعض الشروط الضرورية مثل خلو المحتضنين من الامراض النفسية وأن يكونوا حسني السيرة والسلوك وغيرها من الشروط التي يمكن الرجوع اليها من خلال وزارة الخدمة الاجتماعية.ومن خلال الاحتضان يستطيع الطفل أن يحصل على العديد من الحقوق مثل جواز للسفر وشهادة الميلاد وغيرها.وتسمى الأسر التي تحتضن الطفل بـ” رعاية الاسر البديلة للطفل” وهي الأسر التي تقوم بكل المتطلبات والرعاية الاجتماعية والاقتصادية والنفسية للطفل المحتضن.إن احتضان الأطفال في السلطنة لا يعرفه العديد من الناس ، حيث قمت بإجراء استطلاع سابقا ووجدت أن قليل من يعرف هذا المفهوم وماهيته والبعض الاخر قالوا أنهم لا يعرفون عنه شيئا ، ولا أعلم أين الخلل في قلة وعي الناس بالاحتضان وأهميته ، هل القصور من وسائل الاعلام؟ حيث أنها لم تقم بحملات مكثفة حول هذا الموضوع والايضاح حول حكمه الشرعي ، لأنني لاحظت من خلال طرح بعض الاسئلة لأشخاص مختلفي المستويات والثقافات قالوا أن الاحتضان محرم شرعا! أو أن الناس قليلي الاطلاع في مثل هذه المواضيع ..ويرغب بعض الاشخاص باحتضان الاطفال الا أنهم ينظروا للشخص المحتضن نظرة دونية ،فكيف نتجاهل العيب ؟ ونمنح الآخرين فرصة للشعور بالحب والسلام والحياة؟
لا بد من استغلال الإعلام بكافة أشكاله خصوصا وسائل التواصل والتلفزيون كون الجمهور الاكثر اطلاعا عليها وذلك لبث رسالة الاحتضان وتعريف الناس بها كونها رسالة نبيلة ، تمنح الحب والحياة ، وتجعل الطفل يشعر بحق قد سلب منه وهو حق العائلة ، حيث أنه من رحم العائلة يولد الحب ..كما أن الطفل يصبح أكثرفعالية في المجتمع ويكسب حق المشاركة والسفر والتألق بطاقاته وإمكانياته التي ستكون مهدورة في حال كان طفلا يعيش في دار رعاية ، لا يُسمع صوته ولا يشارك كالاطفال الآخرين في مختلف مناحي الحياة.لنهديهم حياة طبيعية ، مليئة بالحب وأبسط الحقوق ، لنمنحهم حياة وردية وبراقة ، علينا نشر هذه الثقافة أكثر.