الصحوة – محمد بن سعيد القري
لم تكن مرحلة إنشاء طريق الربع الخالي أو منفذ رملة خيلة، الذي يربط السلطنة بالمملكة العربية السعودية سهل الإنشاء، بل كان تحديا حقيقيا مر على كثبان هائلة وكان لزاما إزاحتها لتهيئة الطريق بالشكل المطلوب ووفقا للمواصفات العالمية؛ لذلك كانت التكاليف باهضة تربو على ٢٥٠ مليون دولار أميركي. ولكن ذلك لم يكن ليوقف عجلة الطموحات التي يسلكها البلدان منذ تطلعهما عام 2006م لشق شريان يجمعهما، ويختصر المسافة إلى 800 كيلومتر، ويكون أول طريق حدودي مباشر دون الأضطرار للمرور بدولة شقيقة أخرى.
هذا الشريان أيضا سيتبعه إنشاء العديد من الخدمات الضرورية التي يحتاجها مستخدمي الطريق، كمحطات التزود بالوقود والاستراحات وخدمات لطوارئ الطريق وغيرها.
هنالك الكثير من المعلومات واللقاءات والأرقام والاحصائيات التي تحدثت عن هذا المشروع الكبير، والتحديات التي واجهته، و الآمال التي تنتظره، والتي نشرت في مختلف الوسائل الإعلامية منها ووسائل التواصل الاجتماعي. ولكنها تجمع أنها خطوة لمزيد من التعاون التجاري والاستثماري وفي المجال الصناعي. فبالإضافة إلى أهميته الدينية لنقل الحجيج والمعتمرين إلى الديار المقدسة، كذلك له أهميته السياحية فهو رابط مباشر يمكن لمحبي الرحلات الاستفادة منه خاصة أن البلدان يمتازان بوجود الكثير من المقومات السياحية على الساحل والسهل وبين الجبال و رمال الصحراء في الربع الخالي.
هذه الخطوة ستتبعها خطوات جدية، أولها إنشاء مدينة صناعية في عبري بمساحة عشرة ملايين متر مربع، وخدمات الفندقة التي ستلبي حاجة الجانبين للراغبين في أخذ استراحة، ويطل الطريق أيضا على مشروع المليون نخلة وغيرها الكثير.
ومن هذه المنطلقات المتعددة، وترسيخا لمبدأ التعاون والشراكة في مختلف المجالات والسعي لها، وتحقيقا لرؤية عمان 2040 ورؤية المملكة 2030 كان لابد من تهيئة الوسيلة لربط الرؤى وصولا لتحقيق الأهداف. والكل يعرف بأن أول بوادر الربط التجاري هو من خلال تهيئة خطوط تواصل مباشرة برية و بحرية و جوية ومن خلال الاتفاقيات المشتركة التي قد تؤسس نظام اقتصادي يرفد القطاعات المرتبطة ويعززها .
هذا الجسر أيضا من الممكن أن يعمل على زيادة النقل البحري ورغبة الطرفان على التبادل التجاري الخارجي عن طريق موانئ السلطنة في منطقة صحار والدقم وما يمكن أن توفره من مزايا تشجع المستثمرين لنقل بضائعهم عن طريق تلك الموانئ مستقبلا.
إن إنشاء هذا الطريق، ودعوة خادم الحرمين لأخيه جلالة السلطان في زيارة دولة، له أبعاد تعمق المصالح المشتركة و يعزز دور الجيرة ويبسط القضايا بين الأخوان سعيا للملمة ما تبقى من الزلط وعودة لتبيان أن مصلحة الأجيال فوق كل اعتبار وبما يحقق النوايا الصافية لتوحيد قوة الخليج اقتصاديا واجتماعيا وحتى سياسيا.
ولربما كان هذا الطريق الذي أنشئ بشق الأنفس، والذي كان أقرب إلى الحلم البعيد والتمني، وبعد أن برز للعيان قوة الطموحات بين البلدين، وبذلهما المستحيل في تحقيق هذا الرابط، لربما وبعد افتتاحه وعندما نرى نتيجة ذلك المجهود على كل المستويات، عندها سنرجو أن يتعزز ذلك برابط أقوى وأسرع وأكثر رفاهية، يتمثل في إنشاء قطار سريع جدا مواز يحقق مزيدا من التبادل والزيارات في ساعات بسيطة لم نكن حتى نحلم بأنها ستصبح حقيقة.