الصحوة – مشعل الصبحي
في ظل الظروف الراهنة التي تشهدها كل بقاع العالم منذ بداية عام 2020م، بسبب تفشي فايروس كورونا المعروف بـ”كوفيد-19″، الذي تبعه توقف أنشطة الحياة اليومية بمختلف مناشطها، وإلزام الناس باتباع إجراءات الحجر المنزلي، أدى للناس لاتباع روتين يومي ممل تغيب فيه المتعة حيث لا يجد المرء ما يفعله خلال الفترة التي يقضيها أثناء وجوده في الحجر المنزلي، الأمر الذي أدى إلى اعتكاف الناس على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي طوال فترة حجرهم، ومنذ ذلك الوقت عرف الناس البرنامج الشهير الصيني المعروف بـ “tik tok ” الذي خرج عن المألوف الذي تعوّد عليه الناس في باقي برامج التواصل الاجتماعي، حيث تفرد باختلاف المحتوى المعتاد من خلال إتاحته للمستخدمين بتقليد مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي في مختلف المجالات كالرقص والغناء، الأمر الذي ساعد الناس ما يملون وقت فراغهم وتغير ذلك الروتين الممل الذي اعتادوا عليه خلال فترة الحجر داخل منازلهم.
لقد خادع هذا البرنامج الخطير الكثير من الناس، واستهدف فئة ضخمة من صغار السن في مختلف أنحاء العالم خاصة بعد تعليق المؤسسات التعليمية في مختلف الدول مما جعلهم يقلدون ما يعرضه هذا البرنامج من فيروسات سامة لا تناسب لمن هم دون سن الثامنة عشر عامًا مثل ذلك المحتوى الفاضح والمخل بالأدب، وتلك المشاهد الحادة؛ في ظل إختفاء اهتمام الوالدين بأبنائهم من ناحية الرقابة، الأمر الذي خلّف ذلك الكثير من العادات السلبية داخل ذهون هذه الفئة التي ظنّوا بها ان هذه المشاهد عادية بالنسبة لهم.
ولكن غياب الرقابة الأبوية في هذا الجانب هو السبب الرئيسي في دمار شخصية الطفل، من خلال ادمانه لهذه البرامج التي تستدرج عقله بمتاهات ليست من مستواه، وهنا على الآباء أن لا يغفلوا تركيزهم عن ما يكنّه هذا البرنامج من الكثير من الخصائص أبرزها السماح بفتح دردشات مع ناس غرباء لا يعرف الطفل أشكالهم ولا أعمارهم، فأنصح الآباء بالتحكم بإعدادات هذا البرنامج من خلال تعطيل خاصية الدردشات التي من الممكن أن يجريها الطفل مع مختلف الفئات العمرية ناهيك عن تلك الشخصيات الوهمية التي ترتدي الأقنعة وتخدع بها الطفل وتستدرجه نحو متاهات تخلخل به عقله.
لا يخفى على ذلك أن الطفل يحتاج لتكوين شخصية خاصة به؛ ولكن على الآباء أن يدركوا خطورة مثل هذه البرامج، لأن من المعروف اليوم أصبح الإنترنت كأنها قرية صغيرة تتضمنها ناس غرباء، ومحتويات خادشة للحياء، التي تؤثر على سلوك الطفل فتحرفه عن الطريق الذي أرساه له والداه؛ فينحرف الطفل نحو تلك العادات التي تغسل دماغه وتدمر شخصيته التي يرغب في تكوينها.
لذلك أرى من وجهة نظري أن الآباء مسؤولون عن كل ما يخرج من شخصية أطفالهم، من خلال متابعتهم الدائمة لهم، وان يوجهونهم التوجيه الصحيح نحو استخدام مثل هذه البرامج للفائدة ومشاهدة المحتوى الذي يناسب أعمارهم وإبعادهم قدر الإمكان عن المحتويات التي تصاحبها العادات الرذيلة التي تخدش عقل الطفل، أيضا من الممكن وضع جدول يومي للطفل من خلال جدولة انشطته اليومية التي يقضيها ووضع وقت محدد لاستخدام مثل هذه البرامج، وقضاء أوقات في بعض الممارسات التي تعود بالنفع في شخصية الطفل مثل القراءة والكتابة وتعلم أشياء جديدة من واقع الحياة اليومية، واستغلال باقي أوقات الطفل بخلق له نوع من التواصل مع أسرته الذي يجني ثماره في شخصية الطفل من خلال تكوينه لشخصيه رزينة ينتفع بها في المستقل، فهم شباب الغد الذين ينتفع بهم البلد.