الصحوة – العنود البطاشية
في تجربة نوعية في سلطنة عُمان، أثبت المهندس أحمد بن خليفة الغافري أن زراعة الزعفران يمكنها أن تتحدى قساوة المناخ، وأن توطن نفسها ضمن المزروعات الحديثة التي اقتحمت البيئة، وتحقق إنتاجًا يغطي حيزًا مهمًا في الاستهلاك المحلي، مع إمكانية التصدير مستقبلا. فالزعفران هو أغلى التوابل في العالم حتى أنه في بعض بلدان العالم يطلق عليه بالذهب الأحمر. صحيفة “الصحوة” العمانية حاورت المهندس أحمد الغافري لتطلع القارئ حول محاولة توطين زراعة الزعفران في التربة.
فكرة زراعة الزعفران
قال أحمد الغافري: الفكرة الأساسية للمشروع هي تحويل الغير مألوف إلى مألوف .ففي البداية اخترنا زراعة نبتة الزعفران؛ لأنها نبتة مستهلكة في الأكلات العربية والشرقية ولها رافد اقتصادي في نفس الوقت، فحاولنا بداية زراعة أبصال الزعفران في أرض الوطن ولله الحمد نجحنا في زراعته بمواصفات وجودة عالية. فتتلخص فكرة زراعة أبصال الزعفران في زراعة نباتات نادرة ما لمسنا وجود تجارب ناجحة لها محلياً وتصحيح بعض المعتقدات المتعلقة بإرتباط هذه النباتات بدول معينة.
التجربة الأولى لزراعة أبصال الزعفران
تجربة العام الأول كانت صعبة جداً لكون المعلومات المتاحة ضئيلة جداً و مشوهه أحيانًا. وهذا يعود لسبب أن بعض الدول تعتبر الزعفران رافد اقتصادي هام لا يمكن التفريط فيه. وبعد جهد كبير من البحث وترجمة مقالات علمية لعدة لغات تتحدث عن زراعة الزعفران وجودتها، استطعنا أن نكوّن قاعدة معلومات مبسطة و نأخذ كمية جيدة من المعلومات للبيئة المحلية مما سهّل عملية زراعته في أكثر من موقع في البلاد.
تطوير زراعة الزعفران
تحدث المهندس أحمد عن التغييرات التي أحدثها في التجربة الثانية لزراعة الأبصال الزعفرانية بقوله أن نجاح التجربة في العام الماضي ساقنا لإعادة التجربة، بإستخدام طرق متعددة لإنتاج الزعفران وقد نجحنا في زراعته بطريقة جديدة سنعلن عنها مستقبلاً. و حاليًا نعمل على فكرة أخرى في مجال زراعة الزعفران وتطويره بطريقة مختلفة، حتى تمكّن كل شخص من زراعة الزعفران في أي مكان في السلطنة بسهولة.
جودة محصول الزعفران
عندما سألنا الغافري عن جودة نبتة الزعفران الذي يقوم بزراعتها، أكد لنا أن جودة المنتج عالية في جميع مواصفاته من ناحية اللون والرائحة والطعم. فنحن نأتي بأبصال الزعفران من الريف الأوروبي. وأردف قائلاً: ” لقد قمنا بالتعاقد مع شركة لاستيراد الأبصال الزعفرانية. فعند استلامنا للأبصال، قمنا بدراستها وتجربة زراعتها فاتضح لنا جودة وارتفاع إنتاجية الأبصال بصغر حجمها”.
الجدوى الاقتصادية من زراعة الزعفران
كما قام المهندس أحمد الغافري بشرح مفصل عن الجدوى الاقتصادية لزراعة الزعفران فقال: ” لو قمنا بزراعة 300 بصيلة زعفران، ستنتج 6 شجرات من كل بصيلة. فالست شجرات كل منهن ستنتج 3 خيوط زعفران، أي سنحصل على 5400 خيط زعفران من 300 بصيلة فقط. بلغة الأرقام “300× 6× 3 = 5400″ خيط زعفران. فمن وجهة نظري ومن خلال تجربتنا لزراعة الزعفران أن الجدوى الاقتصادية جدًا مرتفعة ومجدية”.
صعوبات واجهها صاحب تجربة زراعة الزعفران
لكل أمر غير مألوف، يصعب على الجميع تقبل الفكرة. لذا واجه أحمد الغافري عبارات المجتمع المحبطة عن إبداء فكرته لتجربة زراعة الزعفران لأول مرة. فقال: “تلقيت الكثير من الردود المحبطة في البداية، فالبعض يقول جودة الزعفران ليست عالية والبعض يقول أنه ليس له جدوى اقتصادية في السلطنة. ولكن عند وجود التجارب على أرض الواقع التي وثقت هذا النجاح، ارتفع الإقبال على الزعفران وانخفضت الردود التهكمية”.
مستقبل زراعة الزعفران في عُمان
فيما لو تم توطين هذه الزراعة وأمثالها من الزراعات ستوفر الآلاف للوطن بدل أن تذهب سنويًا للخارج في شراء الزعفران، وتسهل عملية الشحن للتجار في سلطنة عمان. وبهذا ستنشط الحركة التجارية لمنتج الزعفران داخل وخارج السلطنة. فمستقبل زراعة الزعفران في السلطنة ناجح بشكل كبير من مسندم إلى ظفار؛ لأن البيئة والأجواء في سلطنة عُمان مناسبة جدًا، حسب قول المهندس. وأضاف قائلاً: “خلال سنوات قليلة نستطيع سد حاجة البلد لمنتج الزعفران، واتوقع في السبع السنوات القادمة تكفي لتصدير الزعفران إلى الخارج إذا تم توفير الظروف والدعم الكافي”.