الصحوة – سارة الكعبية
قال الإمام علي بن أبي طالب – كرم الله وجهه- “ليس اليتيم من مات والده إن اليتيم يتيم العلم والأدب” أدرك العم عزيز ما تعنيه مقولة الصحابي علي بن أبي طالب-كرم الله وجهه- بعد فوات الأوان وخسارته لشيء لا يعوض بسبب أميته، وتتفق هذه المقولة مع الحكمة الشهيرة “العلم في الصغر مثل النقش على الحجر، والعلم في الكبر مثل النقش على المدر”.
لم ينل عزيز تعليمه عندما كان صغيرا وإنما عمل مباشرة في مزرعة والده، وحين شب جاءته الفرصة للحصول على التعليم لكنه رفض لأنه اعتقد بأنه لا يحتاج إلى التعليم بعدما أصبح شابا، خاصة وأنه مقتدر ماديا فكانت مزرعته تدر عليه الأرباح من خلال تأجيرها لأشخاص آخرين.
وفي إحدى المرات عرض عليه صديقه علي وهو أحد الأشخاص المقربين منه استئجار مزرعته بمبلغ ضخم أغرى عزيز فوافق على الفور دون أن يدرك أن علي يضمر له شرا، وكان يريد استغلال نقطة ضعفه وهي عدم معرفته بالقراءة، وغابت عن ذهن عزيز المقولة الشهيرة “الخيانة لا تأتي من أعدائنا، إنما تأتي ممن وثقنا بهم”.
أوهمه علي بأنه من المهم التوقيع على ورقة تضمن حق الطرفين خلال مدة الإيجار، عزيز كانت عيونه معميه عن رؤية الأمور وكان لعابه يسيل من حجم المبلغ الذي عرضه عليه . لم يكن عزيز متعلما ولا يعرف القراءة فوقع على الورقة دون قراءتها كما أن ثقته بعلي جعلته لا يستعين بشخص آخر لقراءتها.
تعاظمت أحلام عزيز بالمال وفكر طويلا في كيف سيستغله. لكن أحلامه تبددت وتلاشت حينما أدرك أن الورقة التي وقع عليها كانت تعني موافقته على نقل ملكية المزرعة لعلي “وأكلها بارده مبرده”، وبذلك خسر عزيز مصدر رزقه الوحيد بسبب أميته وثقته الزائدة، ومن كثر غيضه قال لعلي ” إيش أرتجي منك يا سفرجله وكل عضة منك بغصة”.
ومتأخر جدا تسلل الندم إلى نفس عزيز وأدرك أن أميته أوقعت به في الظلمات، وأدرك أن العلم يبني بيوتا لا عماد لها والجهل يهدم بيوت العز والكرم. ولا عجب أن يستغل ضعاف النفوس أمثال علي الجهلة أمثال عزيز.
وتشير إحصائية اليونيسكو إلى أن ١٧٪ من سكان العالم ما زالوا أميين.
وتشكل الأمية خطورة على تقدم الأمم والمجتمعات، وتعاني المجتمعات المتخلفة من التأخر في التقدم العلمي والتكنلوجي على مستوى العالم، وتقع المسؤولية الأكبر على عاتق الجهات الرسمية في الدول بضرورة إقرار إجبارية التعليم وتطوير الأنظمة التعليمية، والعمل على مكافحة الأمية بين سكانها.