الصحوة – محمد بن سعيد القري
كم مرة زرت فيها إحدى المؤسسات الحكومية لطلب خدمة ما، ويقتضي النظام فيها أن تراجعهم في ساعات العمل الرسمي؟ مما يعني كونك موظفا سواء في القطاع العام أو الخاص أن تفكر مليا ومضطرا لأخذ إجازة اعتيادية من أجل زيارة مراكز الخدمة لمراجعة مراحل طلبك وبالتالي خسارتك لأيام من المفترض أن تستغلها لقضاء إجازة لدى أسرتك التي تنتظر منك هذه الأيام بفارغ الصبر. ثم تكتشف أن رصيد الإجازات ذهب أكثره في مثل هذه الزيارات هباء منثورا.
حل آخر قد يكون أخف من سابقه، ولكنه غير مضمون يتمثل في استئذانك من مسؤولك المباشر لقضاء ساعة أو ساعتين وربما أكثر إذا اقتضت الضرورة لزيارة تلك المؤسسات. ولكن كم مرة باستطاعتك الاستئذان فيها فعلا، وكم مرة سيتفهم مسؤولك حاجاتك الضرورية لذلك؟
وعلى سبيل المثال، وليس الحصر. وبالرغم من كل الجهود التي تبذلها شرطة عمان السلطانية في سبيل تسهيل الحصول على الخدمات المختلفة والاستفادة من التقنيات الحديثةواستخدام الأجهزة المتقدمة في تسهيل الحصول على الخدمات بأسرع وقت ممكن دون حتى زيارة مراكزها لهو أمر يشاد به وواضح للعيان وخير مثال على ذلك خدمة إصدار ملكيات المركبات، إلا أن الكثير من الخدمات الأخرى ما تزال تتطلب زيارة المراكز المعنية مثل إصدار وثائق من الأحوال المدنية.
كان من السهل تخليص مختلف تلك الخدمات بعد ساعات العمل الرسمي؛ لأن الخدمة تستمر لساعات إضافية ما بعد الثانية والنصف مساء.
إلا أن التعليمات الأخيرة حول تحديد ساعات العمل في تلك المراكز إلى الساعة الثانية مساء فقط، جعلت الكثيرون يضطرون للاستئذان من مؤسساتهم في ساعات العمل الرسمي أو تفضيل الحصول على إجازات رسمية بسبب هذا النظام.
ومثال آخر.. وزارة الصحة لها كل التحية على الجهود المبذولة. ولكن يحدث كثيرا عندما يريد مريض ما الحصول على دوائه الشهري، وإن كانت خدمة الرسائل القصيرة ساعدت على تقديم الطلب، إلا أن المستفيد لا يستطيع استلام دوائه إلا في ساعات العمل الرسمي حسب النظام. لذا يضطر الموظف للخروج في ساعات العمل الرسمي بشكل شهري للحصول على ذلك الدواء دون تأخير، وهنالك من يضطر للخروج في الشهر الواحد مرتين وربما أكثر؛ لأنه ببساطة من الممكن أن يكون معيلا لأكثر من شخص في العائلة. لذلك سيضطر أحيانا إلى أخذ إجازة حتى لا يحرج الموظف نفسه ويتجنب ان يضع مسؤوله المتساهل معه في حرج بعد أن تزيد طلبات استئذانه.
وقس على ذلك الكثير في المؤسسات المعنية، مثل خدمات الإسكان والتجارة وما يتعلق بالبلديات وغيرها، حتى المدارس تطلب من أولياء الأمور حضورهم للقاءات التشاورية في ساعات العمل الرسمي!
يرجو المستفيد ويمني النفس دائما لتحسين الخدمات، ولكن بعض التعليمات التي تقررها بعض المؤسسات وتمس المواطن نفسه دون إبداء الأسباب وتوضيحها لهو أمر قد يقلل – لدى ذهن المستفيد – من مستوى الجهود التي تبذلها تلك المؤسسات وما تقدمه من خدمات فيشعر بأنها تنخفض بدلا من أن تتقدم وتتفهم ظروف المستفيد أكثر.
ولا أعرف على وجه التحديد أي أسباب تجعل تلك المراكز تغلق أبوابها ما بعد ساعات العمل الرسمي، بعد أن كان المستفيد يتفاخر بوجودها في بلادنا الطيبة العزيزة.
فإن كان الأمر متعلق بفاتورة التشغيل – على سبيل المثال – يمكن حينها عمل نظام آخر يتمثل بتشغيل تلك المراكز بالتناوب محققة وجود الخدمة أثناء وبعد ساعات العمل الرسمي!
نقطة استفهام كبيرة دائما ما أسمعها تتردد ومرحبة بتأويلات قد تعمم على مختلف الخدمات الأخرى وربما بسببها تمحى الجهود الكبيرة التي تبذلها تلك المؤسسات كردة فعل نفسية لدى المستفيدين.