الصحوة – الدكتور حمد بن ناصر السناوي
من ضمن الأهداف التي أحاول تطبيقها هذا العام قول “لا” في المواقف التي تستدعي ذلك .
“لا” للأشخاص الذين يحاولون إشراكي في مواضيع خارج نطاق العمل والتخصص ، “لا” للأفراد الذين يحاولون استغلال طيبتي و تعاوني لأهدافهم الشخصية.
أحيانا يرسل لي بعض الأشخاص عبر مواقع التواصل الاجتماعي يطلبون الاستشارة النفسية ، فأجيبهم بكل إحترام (أعتذر منك ، لا اقدم استشارات نفسية عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، يمكنك الذهاب الى المراكز الصحية والعيادات التي يتواجد فيها طبيب نفسي ). الحق يقال أن الأغلبية يحترم هذا الرد ويشكرني و ينتهي الحوار الافتراضي بيننا ، إلا أن البعض أحيانا يغضب ويتهمني بالترويج للعيادات الخاصة رغم أنني لم اذكر ذلك في ردي على سؤاله ، حتى أن أحدهم قام بارسال صورة الطبيب اليمني الذي كتب على سيارته “اذا كان لديك سؤال أوقفني فأنا طبيب” ، بينما إرسال الي آخر عبارة (الطب مهنة إنسانيه قبل أن يكون وظيفة).
الى كل هؤلاء الغاضبين وغير الغاضبين أفسر إمتناعي عن تقديم الاستشارة عبر التواصل الاجتماعي بالنقاط التالية :
أولا ، العلاقة بين المريض والطبيب علاقة مهنية بحته تحكمها الضوابط والقوانين ، فعندما يذهب أحدهم الى الطبيب يوافق ضمنيا لهذا الطبيب أن يسأله بعض الأسئلة ويقوم بفحصه إذا لزم الامر ليتمكن من تقييم حالته و وصف العلاج المناسب حتى أن بعض العيادات والمستشفيات تطلب من المريض قراءة وتوقيع الاتفاقية التي تحكم علاقته بالمؤسسة الصحيه.
ثانيا ، الاستشارة النفسية تتضمن الاستماع الى المريض والاستفسار منه عن بعض النقاط ليتمكن الطبيب من فهم الموضوع وتشخيص الحالة وتقديم الخطة العلاجية المناسبة ، هذه العملية تحتاج الى تركيز وجهد ، فكيف لطالب الاستشارة أن يتوقع مني أن اطبع اسألتي أو أقوم بارسال رسالة صوتيه ، قد أكون جالسا مع أسرتي ، او أقوم بممارسة الرياضة أو التسوق ، أليس في ذلك إنتهاك لوقتي الخاص ؟
ثالثا ، السرية وإحترام الخصوصية من أهم الأساسيات في علاقة الطبيب والمريض خاصة في مجال الطب النفسي فكيف أضمن أن الانستغرام يحترم هذه الخصوصية ولا يقوم بخفض المعلومات التي يقوم المريض بإرسالها ؟
رابعا، الاستشارة النفسية تحتاج الى حضور نفسي من الطرفين حيث يتم التواصل بالكلام ولغة الجسد ، يعبر الطبيب عن تعاطفة وفهمة للمريض وهذه عمليات أساسية للعلاقة المهنية بين الطرفين لأيمكن توفيرها عبر الرسائل النصية.
خامسا ، تقديم الاستشارة يتبعه مسؤلية مهنية وأخلاقية وقانونية لذلك يتطلب من الطبيب تدوين التشخيص والخطة العلاجية في ملف المريض ليتمكن من العودة اليها اذا -لأسمح الله- حدثت مضاعفات للمريض أو قدم شكوى ضد الطبيب لذا يتمكن القضاء من العودة الى الملف و الاستشهاد بها.
وختاما ، رغم أن قراري بقول “لا” في هذه المواقف يخضع للكثير من الضغط ،من نفسي أحيانا خوفا من أنني أكون قد خذلت أحدهم الا أنني أتمنى الثبات من أجل مصلحة الطرفين.