الصحوة – عنود الشحية
من المعروف أن الشرط الوحيد المذكور في القرآن الكريم لبداية شهر رمضان هو رؤية الهلال الجديد، وحتى الآن كان معظم الفقهاء المسلمين متفقين فيما بينهم على أن رؤية الهلال العينية ضرورية، خاصة أن كلمة “رؤية” مذكورة باللفظ في حديث نبوي يستند إليه كثيرون ممن يرون بوجوب أن تكون الرؤية بالعين المجردة.
وعلى هذا فإن المسلمين في كافة أنحاء العالم مطالبون بتحري رؤية الهلال الجديد في الـ29 من كل شهر، وإبلاغ الهيئات المختصة بذلك. وإذا لم يتمكنوا من رؤية الهلال الجديد في هذا اليوم فلا بد من إكمال الشهر الجاري ثلاثين يوماً لتكون بداية الشهر الجديد في اليوم التالي.
ورغم أن الحسابات الفلكية الحديثة قادرة على تحديد بداية الهلال الجديد تحديداً دقيقاً ولسنوات عديدة مقبلة عندما يكون القمر في زاوية صفر من الشمس وتتعذر رؤيته، فإن هذه الحسابات ليست كافية لتوحيد رأي الفقهاء واعترافهم بالحساب الفلكي بدلاً من الرؤية العينية.
منهجية سلطنة عمان في تحري الأهلة
وتتبع سلطنة عمان منهجية حساب دقيقة في تحري الشهور القمرية وتعتمد وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ـ ممثلة في اللجنة الرئيسية لاستطلاع الأهلة ـ على منهجية حساب رصينة.
و منهجية سلطنة عمان في تحري الشهور القمرية لا تختلف عن المنهج الذي تتبعه أغلب دول العالم الإسلامي وهو الرؤية البصرية للهلال سواء أكانت الرؤية بالعين المجردة أو بالمنظار ويؤخذ بالحسابات الفلكية قطعًا في حالة استحالة الرؤية بسبب نزول القمر مع أو قبل غروب شمس التاسع والعشرين، كما يُستأنس بالحسابات الفلكية في إثبات الرؤية ولكن لا يقطع بها فالعبرة هنا بشهادات الشهود، وفق ما أكده رئيس قسم رصد الأهلة بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية في لقاء سابق مع وكالة الأنباء العمانية.
موضحًا أن آلية تحري رؤية الهلال والأدوات المستخدمة في سلطنة عمان تمر بمنظومة هيكلية رسمية موزعة أولًا: اللجنة الرئيسية برئاسة معالي الشيخ وزير الأوقاف والشؤون الدينية وعضوية سماحة الشيخ المفتي العام للسلطنة ووكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ووكيل وزارة الداخلية وقاضٍ بالمحكمة العليا، وثانيًا: اللجان الفرعية وهي لجان في مراكز الولايات برئاسة الولاة، ويقوم دورها بتلقي بلاغات الشهود، أما ثالث الأدوات فهي اللجان الميدانية وهي لجان التحري وتكون مزودة بمناظير رصد موزعة على محافظات السلطنة وتضم في كل لجنة راصد فلكي وواعظ وإمام وأي مشارك من المواطنين.
كما بيّن أن سلطنة عمان لا تنفرد في عملية تحري الهلال عن باقي الدول بشيء وإنما قد تكون أكثر وضوحا في الاستجابة لمعطيات علم الفلك، فإن قال علم الفلك باستحالة الرؤية فإن الجانب الشرعي والرسمي يستجيب لمعطيات العلم بسهولة ويسر.
وأشار إلى أن من أهم العوامل التي تحدد رؤية الهلال من عدمه هي توفر العوامل المقبولة شرعًا لرؤية الهلال وهي الاقتران ونزول القمر بعد غروب الشمس بوقت كاف وارتفاعه وبعده عن الشمس يسمح بإمكانية الرؤية، موضحًا أنه إذا دلت الحسابات على إمكانية الرؤية فلا يعني الأخذ به قطعًا، فالعبرة هنا بورود شهادات تفيد بذلك، بخلاف ما إذا دلت الحسابات على استحالة الرؤية فالرأي الفصل هنا للحسابات الفلكية.
وحول ما إذا كان هناك تضارب بين ما يقوله علم الفلك والحسابات الفلكية أكد إبراهيم المحروقي – رئيس قسم رصد الأهلة بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية – ، أن الحسابات الفلكية تعتمد على قوانين رياضية مسلّم بها وتعطي نتائج دقيقة يمكن الوثوق بها وهي التي يحدد بها أوقات الصلوات ومواعيد الخسوف والكسوف وبقية الأحداث الفلكية بدقة.
موضحًا أن الحسابات الفلكية مجرد معطيات علمية توضع بين أيدي فقهاء يحددون على ضوء نتائجها الرأي الشرعي وبذلك فإن الحسابات الفلكية هي عمود علم الفلك الحديث.
اختلاف الرؤية بين سلطنة عمان وباقي الدول
وحول اختلاف رؤية الهلال عن باقي الدول بيّن المحروقي أن السلطنة تقع في شرق الوطن العربي، فغروب الشمس ونزول القمر سابق في السلطنة على غيره من الدول العربية وعلى ضوء هذا فإن السلطنة تصدر بيان الرؤية قبل أي بيان يصدر في الوطن العربي.
وأشار إلى أن الفلكيين العرب والمسلمين دائما ما يؤكدون على أن منهج السلطنة في رؤية الهلال الأكثر دقة ولا غبار عليه وهم يتفقون معها على نتائج المنهج المتبع الموافقة للرؤية الطبيعية للهلال، مؤكدًا أن دول العالم الإسلامي يختلف دخول الأشهر فيها بين دولة وأخرى تبعاً لتباعدها وكذلك المعيار المتبع لديها.
تقرير عن هلال شهر رمضان المبارك ١٤٤٣هـ
توضح الحسابات الفلكية التي أجرتها دائرة الشؤون الفلكية بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية حول رؤية هلال شهر رمضان ١٤٤٣هـ ، يوم الجمعة بتاريخ ٢٩ شعبان ١٤٤٣هـ الموافق له ١ إبريل ٢٠٢٢م.
في مدينة مسقط: سيكون القمر في مرحلة الاقتران يوم الجمعة عند الساعة ١٠:٢٤ صباحاً بالتوقيت المحلي للسلطنة، وتغرب الشمس يوم الجمعة عند الساعة ٦:٢٣ مساءً، وسينزل القمر يوم الجمعة عند الساعة ٦:٣٦ مساءً .
أي أن القمر سينزل بعد غروب الشمس بحوالي ١٤ دقيقة، ويبعد عن الشمس بمقدار ٥ درجات، وعلى ارتفاع عن الأفق الغربي بمقدار ٣ درجات، وشدة إضاءته تبلغ ٠,٢٠%، وتكون الشمس في برج الحوت منزلة الفرغ المؤخر والقمر في برج قيطس منزلة الفرغ الثاني.