الصحوة – الدكتور حمد بن ناصر السناوي
ذكرت إحدى مواقع التواصل الاجتماعي خبر عن زوجة نشرت على حسابها في الفيس بوك مقطع فيديو لزوجها وهو يقوم بغسل الأواني في المطبخ على أنغام أغنية “مسيطرة” ، فقام الزوج بتطليق الزوجة ، وهكذا تحولت مساعدة الزوج لزوجتة في عمل المنزل الى سبب للطلاق . تباينت الآراء والتعليقات على فعل الزوجه البعض قال بأنها بدل أن تشكر للزوج مساعدته أظهرت في مقطع الفيديو ومع تلك الأغنية بالتحديد تسلطها وسيطرتها عليه ، لذا من حقه أن يشعر بالإهانة ، بينما وجد البعض رد فعل الزوج مبالغ فيه ، فالحياة الاسرية يجب الا يتم التفريط فيها هكذا ، والبعض فسر تصرف الزوج بأنه نتيجة للتنمر زملائه والأشخاص الذين شاهدوا الفيديو وقاموا بالسخرية منه.
إستوقفني الخبر للتفكير في أن تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على سلوك الافراد أكبر مما نظن و نعتقد ، كذلك حاجة البعض لمشاركة الاخرين تفاصيل حياته أصبحت تفوق المعقول ، وأحيانا تصل الى مستوى الهوس ، فيصبح هم المشارك الحصول على أكبر عدد من التعليقات و الإعجاب من أشخاص لا تربطه بهم أية علاقة ، هذه لذلك ليس من الغريب أن يشبه بعض علماء النفس تأثير التعليقات والاعجابات التي نحصل عليها في مواقع التواصل الاجتماعي بالمخدرات حيث أنها تقوم بإثارة منطقة التحفيز في الدماغ فندخل دائرة الإدمان ، ننشر أكثر لنحصل على إعجاب أكبر ، وهكذا.
الموضوع لا يقتصر على نشر الفيديوهات فالبعض يقوم بنشر التغريدات المستفزة والأفكار الغريبة عن المجتمع وقيمه و مبادئه فقط من أجل إثارة الرأي العام و الحصول على تعليقات حتى ولو كانت سلبية أو تشمل الشتائم والتوبيخ ، فمحتوى التعليقات لا يهم ، وكأن بناشر التغريده يقول “أريد فقط أن أحصل على إهتمامك”.
يخبرنا علم النفس أن مواقع التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها قد تغير من طريقة تعاملنا مع الاخرين مقارنة مع تعاملنا في الواقع ، فالطباعة على لوحة المفاتيح والاختباء خلف إسم مستعار قد تجعل البعض أكثر عدوانية أو تهور في التواصل مع الاخر الذي قد يعتبره نكره أو ليس له وجود فعلي ، بينما عندما تقابل شخص أمامك فأن قراءتك للغة الجسد تجعلك أكثر تعاطفا فتحسب لكل كلمة الف حساب قبل أن تنطقها و تقيس وقعها على المستمع الذي أمامك ، بينما يفقد كل هذا خلال التواصل في الافتراضي فيميل البعض الى التنمر أو العنف فقط لانه يستطيع أن يفعل ذلك و ينجو بفعلته.
أخبرني أحد الشباب أنه بعث ذات مساء برسالة على الواتس اب لزميلته في العمل أقتصرت على كلمتين ” الحلو نايم ؟” ،قرأت زوجته تلك الرسالة بالصدفة وقامت الدنيا ولم تقعد ولم ينم هو تلك الليلة ، ولا يزال يتسائل ما الذي دفعه الى التهور وإرسال تلك الرسالة وهل من حق زوجته أن تفقد الثقة به بسبب فعلته تلك ، أو أن تهدده بأن ترسل لزميلها في العمل رسالة مشابهه.
اترك التعليق لكم.