الصحوة – عنود الشحية
قبل 4 أيام ، أعلنت شرطة عمان السلطانية وفاة طالبين اثنين بمقر سكنهما بولاية نزوى ، حيث أوضحت التحقيقات الأولية إلى أنهما – رحمهما الله – كانا يعبثان بأجسام يشتبه على أنها مقذوفات قديمة جدًا عثر عليها الطالبان في أحد المناطق الجبلية الأمر الذي أدى إلى انفجارها.
ومن جانبه أفادت الشرطة الخميس الماضي ، بأنها عثرت على أجسام شبيهه بمقذوفات قديمة جدًا في أحد المناطق الجبلية البعيدة عن التجمعات السكانية ، كانت تستخدم كمنطقة تمارين عسكرية بمحافظة الداخلية، وتم تأمين المنطقة واستكمال التعامل الآمن مع الأجسام المشتبه بها من قِبل فريق التعامل مع المواد المتفجرة.
كما استجابت أيضًا لبلاغ من أحد المواطنين يُفيد بحيازته لمقذوف قديم عثر عليه منذ زمن في منطقة جبلية نائية بمحافظة الداخلية، وتم نقله بعيدًا وتُستكمل إجراءات التعامل الآمن معه.
توالت أخبار المقذوفات القديمة خلال الأيام الماضية ، بين وفاة ، وبلاغ ، وعثور على أجسام يشتبه على أنها مقذوفات قديمة ، وسط تحذيرات من شرطة عمان السلطانية إلى عدم التعامل المباشر مع أي أجسام غريبة يشتبه بها وعدم حيازتها أو اصطحابها إلى مقر سكناهم حفاظًا على السلامة العامة وضرورة الإبلاغ الفوري عنها في حال العثور عليها.
خطورة العبث بالأجسام الغريبة
في مقال رصدته الصحوة من أرشيف “البحث الجنائي الفني” على موقع شرطة عمان السلطانية ، حسب إحصائية سابقة للأمم المتحدة تشير إلى أن الأجسام الغريبة والتي يتبين فيما بعد أنها متفجرات تم العبث بها بدون دراية تؤدي إلى وفاة أكثر من عشرون ألف سنويا ، كما تسبب في تشويه وإحداث عاهات مستديمة لأكثر من خمسون ألف شخص سنويا على مستوي العالم.
ويوضح المقال أنه في حالة العثور على جسم غريب يجب سرعة إبلاغ مركز الشرطة ،وعلى رجل الشرطة الذي تلقى البلاغ الانتقال الفوري ، ويبدأ بوضع طوق أمني بعيدا عن الجسم المشتبه فيه ، وإبعاد المارة أيا كانت صفتهم عن المكان لمسافة كافية ، خوفا من أية أضرار أو إصابات قاتلة إذا انفجر الجسم لأي سبب .
كما أن على رجل الشرطة سرعة إخطار الخبراء والفنيين والمختصين ، للانتقال للفحص والتعامل مع المتفجرات لإبطال مفعولها ونقلها إذا ثبت أنها أجسام متفجرة ، وذلك درءا لأي نوع من المخاطر .
وعرض المقال بعض من وقائع حدثت و تحدث في كثير من الدول ، وتنويهًا للقارئ “القصص لم تقع في سلطنة عمان بشكل خاص”:
إخطار عن وقوع انفجار بمنزل نتج عنه وفاة ثلاثة أطفال أشقاء وإصابة طفلين من أبناء عمهما إصابات خطيرة وقد قام الأهل والجيران بنقل الجثث والمصابين إلى المستشفى عقب الحادث وقبل وصول الفرق المختصة نظرا لخطورة حالة المصابين .
قام ضابط المركز وضابط التحقيق والتحري بوضع طوق أمني حول المنزل وما يجاوره من منازل وطلب انتقال خبراء المتفجرات وفريق مسرح الجريمة ، وبعد أن قام فريق خبراء المتفجرات بإجراء معاينتهم وفحص المتخلفات وتأمين المكان كاملا من أي متفجرات قام فريق مسرح الجريمة بإجراء المعاينة الفنية لمكان الحادث من الخارج ثم للمنزل بصفة عامة ثم لغرفة المجلس التي وقع بها الحادث .
* تبين أن أرض الغرفة مغطاة بسجاد الموكيت ولوحظ مواضع لاصطدام واختراق أجسام معدنية صغيرة بالسجاد مع وجود ترسبات كربونية كثيفة بمنتصف السجاد تقريبا تقل بالأطراف ، كما لوحظ مواضع لاصطدام واستقرار أجسام صلبة بحوائط الحجرة ،منتشرة للأعلى بدائرة مركزها موضع اختراق الأجسام الصلبة والترسبات الكربونية الكثيفة بالسجاد ، هذا وقد عثرنا على جسم معدني اسطواني الشكل يشكل جزء من ظرف فارغ لطلقة نارية كبيرة العيار . .
* تم استخراج قطع معدنية صغيرة ( شظايا) من جثث الأطفال الثلاثة بمعرفة الطبيب الشرعي ومن أجسام الطفلين المصابين بمعرفة المستشفى التي نقل إليها الطفلان .
* قرر والد الضحايا الثلاثة ، وعم الطفلان المصابان “من خلال التحقيق الذي أجري معه” ، أنه منذ عدة سنوات عثر على طلقة نارية كبيرة ، أثناء تجوله بمنطقة صحراوية ، ولاحظ أن كبسولتها مطروقة فجلبها إلى منزله ووضعها بغرفة المجلس ” كديكور “، وأضاف أنه لا يعلم السبب في وقوع الحادث.
* بسؤال الطفلان اللذان نجيا من الحادث ، قررا أنهما كانا يلعبان مع أولاد عمهم بحجرة المجلس ،ومن ضمن اللعب” طلقة كبيرة” ، كانوا يتقاذفوها فيما بينهم إلى أن فوجئا بالانفجار، وقررا أنهما وقت الانفجار كانا بجوار الحائط بالحجرة بعيدين عن بقية الأطفال .
بإجراء الفحوص الفنية والمخبرية على الأشياء المعدنية المعثور عليها بمكان الحادث أتضح الآتي:
أولا : الجسم المعدني عبارة عن ظرف فارغ لطلقة نارية قديمة تستخدم على المدافع المضادة للمدرعات وقد تبين أن الكبسولة الخاصة بالطلقة مطروقة قديما ، وقد نتج عن الانفجار فقدان أجزاء كثيرة من جسم الطلقة ( المقذوف بالكامل وقطع من الظرف الفارغ ).
ثانيا : القطع المعدنية الصغيرة ( الشظايا ) المستخرجة من حوائط وأرضية الحجرة وكذا من أجسام الأطفال الخمسة تبين أن هذه القطع أجزاء من معدن الطلقة ( المقذوف والظرف الفارغ ).
بدراسة هذا النوع من الطلقات تبين أن مقذوفاتها تتكون من : ــ
1 ـ في المقدمة إبرة ضرب النار
2 ـ قطعة مستديرة تحتوى على مفجر.
3 ـ قطعة الأمان لعدم الإطلاق.
4 ـ جزء لولبي ” زنبركي” لإطلاق الشرارة.
5 ـ جزء لزيادة الضغط ( الطاقة ).
ولذلك فإنه بمجرد اصطدام مقدمة مقذوف الطلقة بالأرض أو بأي جسم صلب أثناء تبادلها بين الأطفال بدأت الحركة الميكانيكية الانفجارية للمقذوف ، ووقع الحادث المأسوي الذي راح ضحيته ثلاثة أطفال أبرياء من أبناء من أحضر هذه الطلقة القاتلة إلى منزله ، دون أن يدري أنها ستكون الوسيلة القاتلة لأبنائه الأبرياء الثلاثة.
حادث مأسوي آخر :
وقع انفجار بمنطقة جبلية سمعه من كان على مقربة من المكان وباستطلاعهم الأمر شاهدوا راعية الأغنام وشقيقها الطفل الصغير جثتين هامدتين.
وانتقل ضابط المركز وضابط التحقيق والتحري وقاما بتطويق المكان بالكامل لمنع اقتراب أي شخص من الجبل ومن مكان الحادث بصفة خاصة .
وقد طلب ضابط المركز خبراء المتفجرات لمعرفة سبب الانفجار وتأمين المنطقة كما طلب فريق مسرح الجريمة لإجراء المعاينة الفنية لمكان الواقعة .
بعد أن قام خبراء المتفجرات بمعاينة موقع الحادث وتأمين المنطقة من أي أجسام تشكل أي خطورة قمنا بإجراء المعاينة الفنية والتي تبين منها الآتي : ــ
ــ الحادث وقع بمنطقة جبلية يكثر بها النباتات الجبلية التي ترعى عليها الأغنام .
ــ بجوار أحد الصخور المرتفعة نسبيا تبين وجود جثتين أحدهما لفتاة مستلقية على الجانب الأيمن وترتدي ملابسها كاملة ، وبجوارها طفل يرتدي قميص وبنطلون، ولوحظ بالجثة الأولى كسر وانفصال بالساق الأيسر بمنطقة الركبة وجروح بأجزاء مختلفة من الجسم ، وبجوار الجثة فردة حذاء رياضي، وبجثة الطفل تبين انفصال الساق الأيمن بمنطقة الفخذ وبتر الزراع الأيمن وجزء من الساعد واليد اليسرى ، ووجود جروح كبيرة بأجزاء مختلفة من الجسم وبجوار الجثة فردة حذاء صغير.
ــ على الصخرة المجاورة للجثتين مواضع اصطدام أجسام معدنية مع تصدع بأجزاء من الصخرة وكسور وتطاير صخور صغيرة بالقرب من الجثتين.
ــ بتحريك الجثتان عثر أسفل جثة الطفل على قطع معدنية كبيرة وأخرى صغيرة وعلى مسافة 14 متر تقريبا من الجثتين وفي منطقة تشكل دائرة مركزها الجثتين عثرنا على فردة حذاء صغيرة توافقت في الشكل واللون والقياس مع فردة الحذاء التي وجدت بجوار جثة الطفل، ووجدنا بالقرب من فردة الحذاء قطع معدنية صغيرة ( شظايا ) وفي الاتجاه الآخر المقابل ( على مسافة 15 متر تقريبا من الجثتين ) عثرنا على أجزاء من كراسة رسم مرسوم بها رسوم من الطبيعة ولوحظ بالأوراق اختراق أجسام معدنية صغيرة وكذا ترسبات كربونية ونرجح أن الكراسة كانت بيد الطفل أثناء الانفجار ، وعلى مقربة من كراسة الرسم قطعة معدنية كبيرة قرر خبير المتفجرات أنها جزء من قذيفة مدفع.
ــ تبين تناثر أجسام معدنية قديمة يعلوها الصدأ قرر خبير المتفجرات أنها قذائف مدافع من الأنواع القديمة التي كانت تستخدمها قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.
ــ تم تحديد مركز الانفجار في موضع جثة الطفل وبالتالي فإن الطفل كان يعبث بالجسم المعدني الذي انفجر والذي حدد نوعه خبير المتفجرات ( قذيفة مدفع قديمة )
ــ قرر الطبيب الشرعي أن ما بالجثتين من جروح وإصابات وبتر تحدث نتيجة الانفجار.
هذه بعض نمازج من المآسي الناتجة عن العبث بأجسام غريبة قد تكون ألغام أو قذائف مدافع لم تنفجر ، وتكثر هذه الأجسام الخطرة بعد الحروب التي تحدث بين الدول أو بعد المناورات بالذخيرة الحية ، ولذلك يجب أن تتكاتف أجهزة الإعلام المختلفة والمؤسسات العلمية بتوعية السكان والطلبة بمراحل التعليم المختلفة بعدم الاحتفاظ بمنازلنا بأي جسم معدني لا يعرف طبيعته ، وكذلك عدم العبث بأي جسم غريب يعثر عليه في أي مكان داخل المدن أو خارجها ( المناطق الزراعية أو الصحراوية أو الجبلية) .
وفي نهاية المقال أكد الكاتب على كل من يلاحظ هذه الأجسام الغريبة أن يبادر بإخطار الجهات المختصة ،حتى يتم التعامل معها بمعرفة خبراء المتفجرات المختصين حماية لأرواحنا وأرواح أبنائنا .