الصحوة – الدكتور حمد بن ناصر السناوي
شاركت مؤخرا في أحد المؤتمرات الصحية الإقليمية و أبهرني كمية الإنجازات التي تحققت لتوفير خدمات صحية متطورة لمرضى الزهايمر ، تلك الإنجازات لم تكن للتحقق لولا جهود العاملين في المجال و شغفهم في توفير حياة كريمة لتلك الفئة من المرضى الذين يتم أهمالهم في بعض الدول ربما بسبب شح الموارد البشرية والمالية ، أو ربما بسبب التركيز على فئات آخرى أصغر عمرا وأكثر جلبا لتعاطف الاخرين ، كما أن تلك الإنجازات إحتاجت الى دعم مالي ضخم لتمكين الخبراء من إستخدام أحدث وسائل التكنولوجيا ولاساليب التشخيصية والعلاجية المدعمه بالادلة والبراهين العلمية.
هذا الموضوع جعلني أتذكر السؤال التاريخي والذي قد يبدوا فلسفيا للبعض ” هل المال يشتري السعادة ؟” ، وهل أغنية الفنان الراحل عبدالوهاب ” ما حلاها عيشة الفلاح متهني وباله مرتاح “تعكس الواقع ام ليست الا “أفيون” يوهم الفئة الكادحة من المجتمع أنهم مرتاحوا البال فلا يطالبون بحقوقهم ولايتوقفون عن خدمة أبناء الطبقات العليا.
تباينت الإجابات على سؤال ” هل يجلب المال السعادة” فبعض الأشخاص الميسورين ماديا والذين لا يشعرون بالسعادة يجيبون بأن ” المال ليس كل شي ولا يجلب السعادة ” بيننا يجيب غيرهم من غير الميسورين بأن المال “ضروري للسعاده و أي شخص يقول غير ذلك رومانسي وحالم ، جاء الى هذا العالم وعلى فمه ملعقة من ذهب ، ولم يذق طعم المعاناة في توفير أساسيات الحياة لنفسه ولاسرته .
يخبرنا البروفيسور الأمريكي مارتن سيليغمان مؤسس مركز علم النفس الإيجابي أن هناك خمسة عناصر رئيسة تسبب السعادة والإيجابية لدى معظم الأفراد وتتمثل في بالصحة الجسديه والذهنية والثقة بالنفس، وارتفاع الروح المعنوية، والإقبال على العمل والقدرة على تقديم أداء متميز في مختلف مجالات الحياة. هذه العناصر قد تبدو نوعا ما منحازة للثقافة الغربية ولمستوى معيشي معين لا ينطبق على الأغلبية من بني البشر ، كذلك ورغم أن المال لم يرد ذكره بشكل مباشر في العناصر الخمسة أعلاه لكنه يرد بشكل غير مباشر ، فالمحافظة على الصحة مثلا يحتاج الى المال ، وغيرها.
بينما يرى آخرون ان مكونات السعادة تبدأ بأن يتخلى الفرد عن الشعور بالذنب فلا يبالغ في تأنيب الضمير فتتحول حياته الى سلسة من الندم والشعور بالذنب والخوف من التقصير تجاه الأخرين . إكتشف حياة جديده فمن الطبيعي أن تشعر بالملل من الروتين اليومي الممل ، جدد حياتك و علاقاتك ، تعرف الى أشخاص جدد ، قم بتحدي نفسك و تعلم مهارات وهوايات جديده .تشير الدراسات العلمية أن السعادة ترتبط بهرمونات تشكل كيمياء الدماغ ،هذا الهرمونات ينتعش افرازها عند ممارسة الرياضة والنشاط البدني والذهني فتعطينا تركيزا أفضل ، وتحسن جودة النوم ، وتنظم التوتر والقلق و بعض أعراض الاكتئاب وتساعد على التركيز و التفكير ، لذلك أنصح بتجنب الخمول، إبدأ بخطوات صغيرة ، ابحث عما يحفزك ويشحذ حماس لمواصلة الرياضة.بينما يرى علماء نفس آخرون أن عليك أن تمتلك مصادر سعادتك ولا تعتمد الى الاخرين في الحصول عليها ، لا تعتمد كليا على حب الاسرة والأصدقاء كمصدر لسعادتك بل إصنع سعادتك بنفسك .استمتع بالمرحلة وتفاصيلها واحتفل بالإنجازات الصغيره ، لا تنتظر الى أن من الجامعه أو أن تحصل على ترقية بل احتفل بالخطوات، و احرص على إنجاح علاقاتك أولها علاقتك بالله رب العالمين.
وانت عزيزي القارئ ، هل تعتقد أن المال يجلب السعادة?