الصحوة – شريفة التوبي
أغوته فوقع في حبها، ويقول قائل هو من أغواها فوقعت في حبه، هكذا أتت الحكاية، لكن وكما يقرأ القارىء ويرى الرائي أن الحكاية ليست أكثر من غواية، والغواية لا ترقى إلى مرتبة الحُب، ولا تصل حتى إلى أدنى درجة من درجاته، بل ليس لها علاقة بالعاطفة الإنسانية لا من قريب ولا من بعيد، إنها تهوي بالإنسان إلى منزلق السقوط، وتنزل به إلى مستوى الحيوان، ولا تسكن القلب ولا تلامس الروح، بل شهوة شيطانية تسكن جسد ابن آدم، فيجد في الحرام متعة لا يجدها في الحلال. ومع ما ران على القلب وما غشي على العين، لن يرى الرجل في الزوجة الجميلة المخلصة نعمة تستحق الحفاظ عليها، ولن ترى الزوجة في الزوج المحبّ المخلص الرجل الذي تتمناه، فتغيب القناعة والرضى من النفوس، فيتطلع وتتطلع إلى الحرام باحثين فيه عما يشبع فراغ القلب والعين.
لن أسرد لكم شيء من الوعظ ولكني أستحضر معكم حكايتين كما أتت في بعض ما كُتب وما نُشر. وقد أتى في الحكاية الأولى أن رجل متزوج أقام علاقة مع امرأة بهدف المتعة المحرّمة، وقد استجابت تلك المرأة لمبغاه وهدفه، ويقال إنها هي من أغوته حتى أسقطته في شباكها، فانقاد لها وانقادت إليه بحبل شيطاني متين. ظن الرجل المتزوج وكما هو معتاد في علاقاته مع نساء أخريات أن تلك العلاقة لن تكون أكثر من علاقة عابرة، ويعود إلى زوجته وبيته وأولاده نادماً ندماً مؤقتاً حتى يدخل في علاقة أخرى، لكن هذه المرة كانت الغواية أكبر من محطة عبور، فالمرأة الأخرى التي أدخلها حياته، وعرفت منه تفاصيل حياته الزوجية، ورفض الزواج منها حينما طلبت منه كي يسترها كما أخبرته، متحججاً بوجود الزوجة والأولاد، وهو مكتف في هذه العلاقة أن يظل معها بغير زواج ولا ارتباط شرعي. ولم يكن يظن أن الغيرة والحقد قد تدفعها إلى الانتقام من الزوجة والأبناء، لتدفع الزوجة ثمن حماقة زوج أغواه الشيطان فهوى.
وكي لا يقول قائل إن الرجل هو الخائن الآثم فقط، فإن الحكاية الأخرى لامرأة أسقطت بيتها وهدمته، خانت وتمادت حتى ذهب زوجها ضحية أخرى للخيانة والغواية، فكما أتى في تفاصيل الحكاية أن الزوج ما كان مقصّراً على زوجته في شيء، ذلك ما أتى على لسان من عرفوه؛ ولكن لا يعرف أسرار البيوت غير أصحابها. وقد حدث أن أدخل الزوج صديقه الذي أنزله منزلة الأخ إلى بيته، فأحبت الزوجة صديق زوجها وأقامت معه علاقة غير شرعية في غياب الزوج وعلى غفلة منه، ولأن الشيطان لا يترك ابن آدم حتى يتمكن منه، زيّن لهما الغواية وجرّهما إلى جرم آخر أشد وأعظم، فخططا ودبّرا واتفقا على قتل الزوج الذي مات مغدوراً بيد صديقه وزوجته.
حكايات، ليست سوى حكايات لا أسماء فيها ولا صفات، ولا مكان ولا زمان، حكاية قد تحدث في أي مجتمع من المجتمعات، فلا تربط عزيزي القارىء بينها وبين حكاية حدثت على أرض الواقع، فما أكثر أن تتشابه الحكايات ويختلف الأشخاص، وأغلب قصص الخيانة متشابهه في أحداثها ونتائجها، وما أتى طرحي لهذا الأمر إلا للعبرة والعظة. لأن كل من تورّطوا يوماً في تلك الجرائم كانوا بخير، وكانت بيوتهم آمنه وحياتهم مطمئنة قبل أن يسلّموا أنفسهم للشيطان، الذي يأتي جميلاً في أغنيات يضطرب لها القلب الفرغ من الإيمان، ومقاطع فيديو وأفلام ومسلسلات، مصوّراً العلاقة الزوجية كآبة وشقاء، وإن السعادة لا تأتي إلا مع الآخر أو الأخرى، ويكون قد فات الأوان حينما يكتشف وتكتشف أن ما ذلك سوى وهم، وهدم للبيوت الآمنة وضياع للأسرة وشتات للأبناء، وما تلك الصور الجميلة التي تظهر في أول العلاقة إلا صور مفلترة بالوهم الزيف. فهل من متّعظ وهل معتبر؟