الصحوة – بلقيس الهنداسية
إن الله سبحانه وتعالى أنعم على عباده بكثير من النعم التي لا تُعد ولا تُحصى، ولعل من أعظم هذه النعم هي نعمة “العافية “، والعافية هي أن يمارس الإنسان حياته الطبيعية بلا سقم وبلاء ، وقد يختبر الله صبر عبده بابتلائه بالمرض؛ ليكفّر ذنبه ويرفع درجاته، حينها يلجأ الإنسان لأهل الاختصاص من الأطباء لعلاجه واستعادة صحته بمختلف الطرق المتاحة طبياً. البعض يشُفى ويستعيد عافيته بفضل من الله ومن الطاقم الطبي الحريص على أداء عمله بأكمل وجه، وبعض الاحيان قد تحدث بعض الهفوات والأخطاء الطبية التي قد تتسبب بعاهة مستدمية للمريض أو تودي بوفاته ، وشهدنا جميعا في الآونة الأخيرة تداول أحاديث عن أخطاء طبية حدثت لمرضى عرضّت صحتهم للخطر، والبعض الآخر أودت بوفاتهم كما ذُكر على لسان ذويهم، حيث كثرت مؤخراً الشكاوى المقدمة إلى اللجنة الطبية العليا بحدوث أخطاء طبية عديدة، وربما قد يجهل البعض الإجراء أو الجانب القانوني في هذا الأمر.
وللحديث أكثر عن التفاصيل القانونية التي تهتم بهذا الشأن تواصلت صحيفة الصحوة العمانية مع الفاضل مازن بن راشد بن حمد الشكيلي – مستشار قانوني ومحامي استئناف-، حيث قال :” في البداية وفقا لما نصّت عليه المادة الأولى من قانون تنظيم مزاولة مهنة الطب فيعرَّف الخطأ الطبي بأنّه ( أي إجراء طبي، بالفعل، أو بالترك لا يتفق مع الأصول العلمية والفنية ويحدث ضررا بالمريض ولا علاقة له بالمضاعفات الطبية). لذلك فإن مزاولة مهنة الطب تقتضي بالضرورة مراعاة الأصول العلمية والفنية التي تتفق مع المعايير العلمية المتفق والمتعارف عليها في مهنة الطب، وأي انحراف عن ذلك المسار إذا ما أحدث ضررا للمريض كالجروح والعاهات المؤقتة أو المستديمة أو الوفاة فإنّه يشكل خطأ طبيًا يستوجب الردع للطبيب المخطئ والتعويض للمتضرر أو ورثته في حال نتج عن الخطأ الطبي وفاة المريض”
*يحق للمتضرر تقديم شكوى إلى اللجنة الطبية العليا
وللحديث عن إجراءات التعويض قال المحامي مازن الشكيلي أنه يحق للمتضرر التقدم بشكوى لوجود الخطأ الطبي إلى اللجنة الطبية العليا، وهي لجنة طبية مشكلة بقرار وزير الصحة تضم في عضويتها ممثلين عن المؤسسات الصحية ( العسكرية والمدينة والخاصة) ، وتقوم هذه اللجنة ببحث الشكوى واستدعاء الطبيب المعالج والمتضرر ولها أن تدعوك كذلك حضور من ترى ضرورة لمناقشته، وترفع اللجنة تقريرها عن الحالة خلال 90 يوما.
أو يحق للمتضرر التوجه مباشرة إلى القضاء ومساءلة الطبيب جزائيًا عن طريق تقديم شكوى إلى الادعاء العام ثم للمحكمة، وفي جميع الأحوال على المحكمة أن تعرض الحالة على اللجنة الطبية المذكورة لتقرير ثبوت الخطأ الطبي من عدمه.
ويكون التعويض عن الأخطاء الطبية في حال ثبوتها كالوفاة أو العجز الكلي أو الجزئي مؤسسا في حسابه على دية الإنسان وفقا لأحكام المرسوم بشأن تقدير الديات والأروش رقم 2008/118 وتعديلاته
*الإجراء القانوني في حالة الوفاة بسبب خطأ طبي
وعن الإجراء القانوني في حالة وفاة المريض أجاب “الشكيلي” أن الإجراء هو ذاته المتبع للمطالبة بالتعويض للمريض نفسه؛ لكن في هذه الحال يكون ورثة المتوفى هم من يباشر هذه الإجراءات، وتباشر المحكمة محاكمة الطبيب المعالج جزائيًا والتثبت من وجود الخطأ الطبي، ويكون التعويض للورثة في حالة وفاة المريض هي دية الإنسان كاملة، بالإضافة إلى التعويض عن الضرر المعنوي الذي يكون تقديره للمحكمة إن كان لذلك التعويض مقتض، ويجب أن يكون صندوق التعويضات عن الأخطاء الطبية المُنشأ بالمرسوم رقم 67/2004 خصما في الدعوى ليقوم بدفع التعويض عن الطبيب المسؤول عن الخطأ