الصحوة – علي بن محمد الحامدي
كنت قد طرحت ثريدا عبر منصة التوتير تحت وسم ألف مبارك بالتعيين حول تصحيح بعض المفاهيم المتعلقة بالوظيفة أيا كان موقعها. وذلك من أجل المساهمة في تحديد المسار الطبيعي لحركة التوظيف في القطاعين العام والخاص ووضع بعض القواعد والاسس التي يرتكز عليها الموظف ويوليها اهتمامه ورعايته وهو يمارس وظيفته أداء وتميزا. وأحببت ان اضع تلك المفاهيم في مقال أجد فيه الفسحة للتصحيح والتنقيح والاضافة والحذف بحسب ما يطرأ امام كل مفهوم. وأتمنى لك أيها القارئ الكريم ذكرا كان ام انثى ان تجد في هذا الطرح اثراء مفاهيميا ومعرفيا ينال استحقاقه من اقتطاع وقتك الثمين.
اولا: كونك مواطن لك الاولوية في التوظيف، ولكن ليس لك الحق بامتلاكها. بمعنى ان الوظيفة مكان شاغر لا يملأه الا من يحقق متطلبات تلك الوظيفة من مؤهلات وخبرات على الدوام. فهي ليست حق مكتسب. بل موضع للإنتاج والتميز وإطار للمساهمة في تحقيق رؤية واهداف المؤسسة. وطريق المحافظة عليها لا يكون الا باستدامة استحقاقها تأهيلا وانتاجا ومعرفة.
ثانيا: الوظيفة هي من تحدد من يشغلها وليس العكس. ولذلك يتقدم لها العديد من المترشحين. ثم يتم الاختيار والمفاضلة بينهم فيمن يحقق متطلباتها من خبرات ومؤهلات ولديه القدرة بعد اجراء الاختبارات والمقابلة على شغلها والوفاء بكل مسؤولياتها والتزاماتها تجاه الغير. فلا يمكن لمؤسسة ما ان تقدم وظائف تزيد عن حاجتها من اجل التوظيف فقط. فالتوظيف في المؤسسات لتحقيق الحاجة وليس من اجل التوظيف والقضاء على البطالة. وكل مؤسسة توظف فوق حاجتها انما تمارس دور البطالة المقنعة والتي تخفي في جلبابها الكثير من المخاطر الانية والمستقبلية على المؤسسة نفسها وعلى المجتمع ككل.
ثالثا: الوظيفة هي من تحدد تكلفتها من أجور مستحقة لشاغلها. وتحدد مدتها ان كانت دائمة ام مؤقته. وتحدد اطارها الزمني ان كانت بدوام كلي ام جزئي. وتحدد تكاليفها التشغيلية ومن ثم تحدد انتاجيتها. فكلما كانت انتاجية الوظيفة أعلى من تكلفتها كانت ادعى لاستدامتها ولزيادة اجر شاغلها وتحقيق الأمان الوظيفي له وضمان ترقيته. وان كانت تكلفتها تزيد عن انتاجيتها فقد تلجأ المؤسسة الى دمجها مع وظيفة أخرى تقليلا لتكلفتها او الغائها بالكلية ان كان بالإمكان الاستغناء عنها. وبالتالي قد يفقد الموظف وظيفته ان لم يكن مؤهلا لشغل وظيفة أخرى في ذات المؤسسة.
رابعا: الوظيفة هي من تحدد موقعها من الهيكل التنظيمي في المؤسسة ومدى ارتباطها بالوظائف الاخرى افقيا او عموديا. وهي من تحدد اسمها الوظيفي واختصاصاتها ووصفها الوظيفي. وبالتالي لا يمكن لجهة تشريعية ما ان تضع بنفسها مسميات الوظائف وتلزم بها كافة المؤسسات. لما من سلبيات كثيرة وعقبات يعاني منها مسؤولي الموارد البشرية في المؤسسات المعنية. والأولى ان يبقى الإطار التشريعي في حدود رسم السياسات العامة للتوظيف احلالا وتعمينا وتوطينا دون الدخول في التفاصيل.
خامسا: الوظيفة لها مسار وظيفي محدد في الهيكل التنظيمي للمؤسسة. وهذا المسار مرتبط بالمؤسسة توسعا واستدامة او تضييقا والغاءً. ولذلك قد تضيق المؤسسة بالظروف الاقتصادية فتلغي بعض الوظائف الهامشية ذات التأثير الضعيف. او قد تتوسع نتيجة الرخاء الاقتصادي فتتوسع معها الوظائف وتزيد.
سادسا: عندما تضطر المؤسسة الى الغاء بعض الوظائف ذات التأثير الضعيف فإنها قد تلجأ للدمج اولا لتقليص تكلفة الوظائف وربما تضطر أكثر فتلغي تلك الوظائف بالكلية والعكس اثناء توسع المؤسسة نتيجة لازدهارها وتعاظم انتاجيتها. وهذا المسار هو المعيار الاساسي لبقاء الوظيفة وتوسعها او ضمورها والغاؤها.
سابعا: شاغل الوظيفة له دور كبير وخطير في بقاء الوظيفة او الغائها وفي ترقّيه من عدمه. ولذلك يجب ان يحرص شاغل الوظيفة على بقائها اولا من خلال حرصه الدائم على ان تكون انتاجية تلك الوظيفة أكبر من تكلفتها. او دورها الذي تلعبه في المؤسسة لا يمكن الاستغناء عنه. فيضمن من خلال ذلك بقاء الوظيفة حتى في أحلك الظروف التي تمر بها المؤسسة.
ثامناً: على شاغل الوظيفة ان يحرص على تميزه الوظيفي ومساهمته الفعالة في وظيفته وفي استعداده لخدمة المؤسسة. فهذا ادعى إلى ان يترقى وان يحقق طموحه الوظيفي. فالرهان على كونه مواطن او كونه الاقدم وظيفيا لا يشفعان له امام الانتاجية العالية من غيره وان كان غير مواطن او انه الاحدث.
تاسعا: لابد من الالتقاء والتناغم بين أهداف الموظف وطموحاته وبين أهداف المؤسسة وطموحاتها. وهذا الدور يساهم فيه الموظف بنفسه اولا من خلال سعيه الدائم لتطوير ذاته بما يجعله متميزا في الاداء وعاليا في الانتاجية. فالرهان الحقيقي في تحقيق طموحه الوظيفي هو الانتاجية والتميز في الاداء.
عاشرا واخيرا: على المؤسسة كذلك ان تكون واضحة وصريحة وشفافة في عرض رؤيتها ورسالتها واهدافها الاستراتيجية لكل العاملين فيها من اجل تحقيق التناغم بين أهدافها واهداف العاملين فيها. وان تفسح المجال للمبدعين والمتميزين وتدعمهم فهم رأس مالها الحقيقي وموردها الدائم الذي لا ينضب.