الصحوة – سمرة المسلمية
يقول الكاتب والفيلسوف فولتير: “هناك أربعة طرق لإضاعة الوقت: الفراغ والإهمال والعمل في غير وقته”. وأنا أقول تماما مثل أي من الآباء والأمهات والبالغين الذين قد يجدون صعوبة في استغلال أوقات الفراغ واستثمارها في بعض الأحيان، هكذا هم الأبناء أيضا!
كثير ما تردد علي هذا السؤال ومنها انطلق لهذه المقالة: كيف أغرس في ابني حب استغلال وقت الفراغ خصوصا في فترة الإجازات الصيفية؟
حسب القراءات التربوية التي اطلعت عليها وجدت أن السبع سنوات الأولى هي أهم مرحلة لغرس القيم وتنمية فكر الأطفال وهذا ما أكد عليه الدكتور راتب النابلسي وآخرون عندما قال:” أن كل ما تريده لإبنك لا يلقن إلا في السبع سنوات الأولى.
أؤيد هذا الكلام لأنني أرى أن الطفل يولد كصفحة بيضاء ومحبة جدا لاستكشاف الجديد وتعلم مهارات غير روتينية. فمن الذكاء لأي مربي أن يحسن إرشاد وتوجيه هذا الشغف نحو أهداف تنمي معارفه وتشبع فضوله في الحياة.
عزيزي القارئ، أعرني تركيزك الآن على أهم الجوانب التي سأخبرك عنها لتكون محط اهتمام منك حتى تبني طفل بشخصية متزنة بإذن الله وهي: الجانب الروحي، العقلي، الجسدي، النفسي، الاجتماعي.
البعض يسأل كيف أصحح غلطتي في عدم غرس هذه القيم منذ المراحل الأولى من عمر أبنائي خصوصا أنهم أمام الأجهزة الإلكترونية في غالب الأحيان؟
هنا اطمئنك أن القطار لم يفتك بعد وذلك عن طريق اتباع عدة مهارات تربوية أخبرك عنها وهي:
-الحوار: ماذا تحب؟ كيف أساعدك على تنميتها؟ ما رأيك أن تفكر في مهارة كذا وكذا لأنك أكثر إبداعا فيها؟ ما الفائدة التي ستجنيها من وراء هذا النشاط أو هذه اللعبة؟
– الثواب والعقاب: مبدأ تربوي يغير العادات والسلوكيات من غير مرغوبة إلى مرغوبة.
– التحفيز: التنويع فيه بين المعنوي كالثناء والمدح والمادي كإعطاء الهدايا وغيرها.
– الحزم والحسم: أنت كمربي عليك أن تكن حازما في قراراتك وتلتزم لتحسم بها الأحداث كأن تقلل من أوقات مشاهدة التلفاز أو الأجهزة اللوحية وتلتزم بهكذا قرار كضوابط تتبع في البيت والأسرة لتحسم أوقات الفراغ المملة دون تذبذب بين عشية وضحاها. وهذا ما قاله أبو جعفر المنصور: إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزم فإن فساد الرأي أن تترددا.
– الصبر: أيها الرائع هنا نصيحتي لأي مشكلة تربوية، إذ أن النتائج لا تتأتى في ليلة وضحاها وقد تحتاج
إلى أسابيع وأشهر وربما سنوات. وقد قال عيسى بن موسى معاتبا ابن عمه على تسرعه: إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة فإن فساد الرأي أن تتعجلا.
-اشغله بالمفيد: أحبائي، أعتقد أنه من الصعب جدا على الأبناء بشكل خاص أن يحرموا من اللعب بالأجهزة وفي المقابل لا يشغلون بالبديل المناسب كربط ذلك الوقت بنشاط معين أو مشاركتهم في استثمار اوقاتهم ببرنامج ما. ما دمت تريد منهم الانشغال عن توافه الأمور فاشغلهم بالمفيد.
ابدأ من الآن إذا كنت فعلا تريد ابنا مميزا لأن مواهب وقدرات أبناءك ثروة للوطن. أتذكر بأنني في يوم ما اطلعت على دراسة لكلارك بعام 1979م والتي قد أجراها على عينة من آباء وأمهات الموهوبين. حيث بين فيها أن تفهم الآباء والأمهات لمواهب أبناءهم وطريقة تفكيرهم يؤثر على حبه ولماذا وكيف يتعلم بل وحتى في تفوقه الدراسي.
ختاما امنح ابنك الدفء والألفة بهمسات من الحرية والأمان لينطلق بأحاسيس من معيتك ينطلق بها ومنها إلى عادة وقيم حسن استغلال وقته بالمفيد والمثمر بإذن الله تعالى.
دمتم بود