الصحوة – ياسر بن سعيد السعدي
“على طريق الباطنة السريع تذهب هذه الحيوانات البريئة ضحية إهمال أصحابها”
هكذا تفاعل الكثير من المغردين عبر منصات التواصل الاجتماعي، مع ما حدثَ من حوادث مرورية في الأونة الأخيرة، وكانت السبب والضحية هي الأبل في بعض من محافظات السلطنة، واصفين تلك الجمال بالسائبة التي أهملها أصحابها لتذهب ضحيةُ إهمالهم، متباينة ردودهم وتفاعلاتهم بين مؤيد ومعارض.
إن الإبل ومنذ خلق الله الأرض ومن عليها، تنطلق في فضاء البسيطة طالبة الرزق وقاطعة عشرات الكيلومرات في مساحاتٌ شاسعة باحثةً عن قوت يومها الذي صعب على صاحبها توفيره لها، وخاصة في أوقات الخصب حيث تزدان السهول بالمراعي الوفيرة، قبل أن يأتي التطور ويحدث نقلته النوعية في شتى المجالات، وبالتحديد في مجال النقل البري.
إن جميع المطالبين والذين تهجّموا على أصحاب الأبل بالإهمال لم يطالبوا يوماً وزارة النقل والمواصلات وتقنية المعلومات بعمل سياج لجميع الطرق الرئيسية ونذكر تلك التي توجد بها مناطق تربية الأبل (طريق الشرقية السريع، وطريق الباطنة السريع، وطريق الداخليه- عبري) وغيرها من الطرق الواقعة وسط مناطق وقرى يكثر فيها أصحاب ومربي الأبل، كطريق سناو محوت الذي تم رصفه بطول أكثر من ٣٠٠ كيلو بدون عمل سياج لذلك، هل من المنطق أن نحاسب ونلوم أصاحب ومربي الأبل في تلك المناطق الصحراوية على إهمالهم وهم منذ الآف السنين ومناطقهم تشكل مساحات رعي لمواشيهم .
ولكن في المقابل من يمر بطريق الشرقية السريع وتحديداً في بالموقع الذي يمر به الطريق بولاية بدية يلاحظ وجود سياج على جانبي الطريق وهذه تعتبر مبادرة ممتازة من وزارة النقل والمواصلات وتقنية المعلومات والتي بدورها سوف تحفظ الأرواح، وتحافظ على مناطق رعي الإبل في تلك المنطقة، واجزم أن عمل ذلك السياج جاء بعد مطالبات من مربي الأبل.
إن حقد البعض على مربي الأبل وصل إلى حد أن يقوم برمي بعض الجمال القريبة من بعض الطرقات ويعزوا أحدهم ذلك الفعل أنه نتيجة لحزن وألم عصر قلبه على فقد عزيزاً له، ولكن ما هو ذنب تلك البهيمة، أليس هناك قانون يجرم هؤلاء كبقية دول العالم.!؟
وأوضح القرآن الكريم في العديد من آياته مكانة الحيوان، وحدد موقعه لخدمة الإنسان، يقول عز وجل: (وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ{5} وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ{6} وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ{7} وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ{8}) [سورة النحل].
ولو نظرنا من الزاوية الكاملة للموضوع فإن هناك حيوانات من الأحرى أن نطلق عليها سائبة وهي “الحمير” التي تشكل الخطر الأخر لمرتادي الطريق لماذا نصب غضبنا على ملاك الأبل فقط.
نحن نعلم جميعاً أن أغلب أصحاب تلك الأبل هم من الأسر الفقيرة والتي تعتمد على تربية المواشي وخاصة الأبل كمصدر دخل لها، حالها كحال أصحاب المهن الأخرى.