الصحوة – خديجة بنت ناصر النعمانية
تسعى العديد من الدول إلى مكافحة الجريمة والحد من انتشارها، وقد أدى تطور الفكر العقابي منذ القدم إلى استحداث عقوبات صارمة يكون لها دور كبير في التخفيف من الجرائم وتحقيق الردع العام والخاص، ولكن نظرا لما تخلفه العقوبات السالبة للحرية من آثار على المحكوم عليه من ناحية اختلاطه بالمجرمين داخل السجن ناهيك على أن تكاليفها تشكل عبئا ماليا كبيرا على الدولة، أصبحت الحاجة ملحه لتنظيم عقوبات بديله عن العقوبات السالبة للحرية.
ومن العقوبات البديلة الجديرة بالاهتمام عقوبة حضور برامج التدريب والتأهيل، والتي تهدف إلى إصلاح المحكوم عليه وتأهيله خارج أسوار السجن من خلال التحاقه بدورات تدريبية أو تعليمية أو تثقيفية تقوم سلوكه، كالالتحاق بالتدريب المهني فيتعلم المحكوم عليه حرفة أو صناعه معينة تعينه فيما بعد وتصبح مصدر دخل له، أو أخذ دورات تعليمية وتربوية في مجالات مختلفة.
الجدير بالذكر أن القانون العماني لم ينظم عقوبة التدريب والتأهيل ولم يجعلها من العقوبات التبيعة أو التكميلية في قانون الجزاء العماني ليشمل نطاق تطبيقها جميع الجرائم، وإنما وضعها كتدبير احترازي في قوانين خاصة كقانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية وقانون مسائلة الأحداث، حيث ذهبت السياسة العمانية في هذا الخصوص أن يكون تأهيل وتدريب المحكوم عليهم في السجن وهم ينفذون العقوبات السالبة للحرية، من خلال وضع برامج دينية وثقافية وغيرها تم تنظيمها في قانون السجون.
ولكن ترجع أهمية برامج التدريب والتأهيل كعقوبة بديلة في تجنيب المحكوم عليه الدخول للسجن ومخالطة السجناء والتأثير على مركزه الاقتصادي والاجتماعي، كما تقوم هذه العقوبة بإصلاح المحكوم عليه وتأهيله، ويصبح فردا فاعلا في المجتمع دون أن تلاحقه وصمة العار التي تخلفها العقوبات السالبة للحرية، ونعطي بذلك سلطة تقديرية للقاضي في تطبيقها طبقا لظروف الجاني وملابسات الواقعة ضمن جرائم محدودة تلك التي لا تكون على درجة من الجسامة، ومن هذه الجرائم جريمة السرقة البسيطة التي يكون الدافع وراء ارتكابها البطالة.
وأخيرا، فإننا بحاجة لتنظيم بدائل للعقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة وخصوصا في ظل تطور السياسات العقابية، وعدم فعالية العقوبات السالبة للحرية في الحد من الجرائم، والنص على عقوبة حضور برامج التدريب والتأهيل كعقوبة بديلة تسعى إلى إصلاح المحكوم عليه وتأهيله فلا يعود إلى ارتكاب جريمة مرة أخرى.