الصحوة – المهندس أحمد بن إبراهيم النقبي
تعيش البصرة العراقية هذه الأيام أجواء رائعة حيث تحتضن بطولة كأس الخليج الخامس والعشرين هذا الحدث الكروي الذي تسوده المحبة والألفة إضافة للمتعة الكروية والتنافس الشريف بين المنتخبات المشاركة.
هذا الحدث وفي هذا التوقيت كان استثنائياً للعراق الذي غاب عن استضافة مثل هذه الأحداث الرياضية زهاء الأربعة عقود.
الشعب العراقي كان متلهفا متعطشاً ليس لمشاهدة مباريات كرة قدم فقط بل لهذا التجمع الجميل لأشقائهم ولبثّ رسالة للمجتمع الدولي كله بأن العراق العظيم قد يمرض ولكن يبقى صامداً قادراً على تخطي العقبات ليعود إلى سابق عهده المجيد والذي لطالما كان قبلة للعالم أجمع ينهل من معينة كلاً بحسب رغبته، علماً وآداباً وثقافة وحضارة.
خارج المستطيل الأخضر حضرت جوانب ومشاهدات رائعة ليست بغريبة ولا مستغربة من شعب العراق العظيم من إكرام للضيف وحفاوة الاستقبال والترحاب ودماثة الخلق على رغم المعاناة الواضحة من خلال الصور المتداولة التي يعاني منها هذا القطر العظيم والمعلومة اسبابها إلا أن الروح العراقية ومعدنها الأصيل أثبتت قدرتها على التغلب عليها بل عكس كل ما هو جميل بلاداً وشعباً إيجابا على كل من حضر للبصرة للمشاركة في هذا الحدث وما حفل الافتتاح المبهر الا احد تلك الامثلة.
الفائدة الفنية للمتابعين كانت كبيرة حيث انبرى المحللون الرياضيون في تحليل المباريات واستراتيجيات اللعب ومهارات اللاعبين وحنكة المدربين ودقة التحكيم وغير ذلك من الأمور الفنية التي يستفيد منها المتابع.
ألا أن هذا الحدث كما أسلفت ليس كروياً فقط وإن كانت البطولة في كرة القدم إلا أن الفوائد التي تكون خارج المستطيل الأخضر تكاد أن تكون أكبر، هناك الكثير لمعايشته والاستفادة والتعلم منه خارج هذا الإطار أو المستطيل.
لذلك وجب هنا التطرق إلى جانب آخر أراه من أهم العوامل الاجتماعية التي قد تؤثر سلباً أو إيجابا على الخروج بهذا الحدث إلى بر الأمان.
فاليوم وكما يعلم الجميع أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي في نقل كل حدث وكل تصريح بل وكل كلمة ونشرها كالنار في الهشيم فإن كانت طيبة فنعما هي وإن كانت غير ذلك فالله المستعان.
لذلك علينا الارتقاء بكلماتنا وأطروحاتنا قبل أن نلقيها جزافاً ثم نقول هذا رأيي الشخص وهذه أمنيتي الشخصية فليس كل ما يدور في النفس يصلح لأن يصرح به في العلن وهنا الشواهد كثيرة فكمْ من شخص تفوه بكلمة لم يحسب حسابها قوبلت باستياء شديد من شعوب بلد ضد بلد آخر على الرغم بأن الشخص لا يمثل بلده بأكملها إلا أن في مثل هذه الأحداث تكون العواطف في أشدها ووقع الكلمة غير المحسوبة شديد على القلوب.
هناك أيضا من يتطرف كثيراً في “الطيبة” أن صح التعبير فيخلط بين الحق المشروع في التنافس وتتويج اللاعبين جهودهم بالفوز وبين شكر البلد المستضيف على جهودهم وترحيبهم وحسن استضافتهم حيث إنه يصل لدرجة أن يود أن يكون الكأس والفوز لفريقهم على حساب منتخب بلاده وهذا ما أعده تطرفاً وليس تعبير محبة وشكر للمستضيف فالمناسبة تنافسية بحتة ولا تدخل في باب التهادي!
ثم تأتي المشكلة الأكبر وهي قيام مسؤول كبير في المنظومة الرياضية ويصرح دون حساب لموقعه ومنصبه بأمنياته في فوز منتخب على آخر لتحقق البطولة ختاماً جميلاً على حد قوله وكأننا لسنا في مسابقة؟! ألم يراعِ هذا المسؤول ما يمكن أن يسببه هكذا تصريح غير مسؤول على جماهير الطرف الآخر؟!
ماذا أن وقعت أخطأ تحكيمية تسببت في خسارة منتخبها ألن تكون هناك في مخيلتها شبهة حول التلاعب المتعمد بالنتيجة وذلك لتتوافق مع أمنيات ذلك المسؤول الذي تخلى عن حياديته وأطلق العنان لعواطفه دون أن يحسب حساب ذلك وهو ينادي بل يدعي الاحترافية في بلده، ألم يكن أولى به أن يرتقي بفكره وبتصريحاته ليعكس تلك الاحترافية؟!
في الختام أرجو أن نخرج بدروس مستفادة من هذه البطولة ولا نحصر هذه الدروس في الجانب الفني الكروي فقط بل في الجوانب الأخرى خارج المستطيل الأخضر فهي لا تقل أهمية بالتأكيد.
نرجو أن يكون الكأس للأحمر وأينما أتجه إن كان التنافس شريفاً فقلوبنا راضية فالعماني عراقي والعراقي عماني وبالله التوفيق.