الصحوة – د. حمد بن ناصر السناوي
نصادف في حياتنا أشخاص تجمعنا بهم صداقة أو يكونون من أقاربنا ، نستثمر في تلك العلاقة و تمنحنا شعورا بالانتماء والاهتمام، فالإنسان يحتاج إلى من يبادله المشاعر ، يشاركه تفاصيل حياته الصغيرة و يستمع إليه دون نقد أو إصدار للأحكام ، لكن بعض هذه العلاقات تكون سامة يفتقد فيها أحد الطرفين إلى الشعور بالأمان و التقبل و يعاني من الانتقادات المستمرة والتجاهل الذي يؤثر نفسيا ويدخله في حالة من عدم الشعور بالاستقرار ، حتى أبسط الخلافات تتحول إلى زعل و خصام يتحول الحب فيه إلى عداوة و تهميش حتى إذا ما بادر الطرف الأخر بالأعتذار و فتح باب الحوار ، حتى وإن لم يكن هو المخطئ ليواجهه الطرف الأخر بالأهمال ورفض الحوار .
معظمنا يتجنب العلاقات السامة لكن البعض يتمسك بها برغم التعب والأرهاق والضغط النفسي المستمر ومع إدراكه لجميع تلك الأثار السلبية يبقى مستمرا في تلك العلاقة لا يستطيع التخلي عنها .
ويعرف علم النفس العلاقة السامة بتلك التي تشعر فيها بإنطفاء روحك فالعلاقة لا تشبع إحتياجك العاطفي والنفسي لأنك الطرف الذي يعطي طوال الوقت دون أن تأخذ شيئا ، يحركك الخوف و تفتقد الشعور بالأمان ،و تجد نفسك تحتاج إلى تبرير أقوالك و أفعالك طوال الوقت ، و كما تقول كلمات الأغنية الخليجية ” بس تأخذ ولا تعطي و بعينك أنا المخطئ” ، فالطرف الاخر يتحكم في حياتك و يسطر عليك ، أحيانا يتخلل العلاقة السامة عنف جسدي أو نفسي، فيقحمك الطرف الاخر في مشاكل تهدف إلى إيذائك وتثبيط همتك. يقدم الطبيب المصري د. عماد رشاد عثمان في كتابه “أحببت وغدًا” بعض النصائح المختلفة التي تساعد على التعافي من العلاقات المؤذية والذي عادة ما يكون صعبا بسبب بعض المشاعر التي يشعر بها الشخص عندما يحاول الابتعاد مثل الاشتياق للأشياء التي كان يفعلها مع الطرف الآخر مثل ارتياد المقاهي التي كانت التي تجمعهم و الاغاني التي كانوا يستمعون إليها ، هذه الذكريات تلهب الشوق و تولد الرغبة في العودة إلى تلك العلاقة مع محاولة تبرير سلوك الطرف الأخر و المبالغة في تضخيم صفاته الحسنه حتى ولو كانت قليلة ، أحيانا يشعر المتحرر من العلاقة السامة بالارتياح لكنه شعور مؤقت يتبعه الإحساس بالحنين .
يلخص علماء النفس بعض الخطوات التي يمكن أن تساعد في التعامل مع العلاقات السامة أهمها أن تضع خطة في التعامل مع الشخص المؤذي عن طريق وضع ردود محددة عند سؤالك عنه، أو عند مقابلته صدفة حتى لا تضعف و تعود إليه مرة أخرى ، كن واضحًا في التعبير عن حقك في الحاجة إلى الوقت لكي تتخلص من العلاقة المؤذية، قد يتطلب الأمر أن تقطع التواصل بأن تحضر رقمه و صفحته في وسائل التواصل الاجتماعي و أي وسيلة تواصل أخرى حتى لا تعود للتحدث معه، اسمح لنفسك بالشعور بمشاعر الألم التي قد تشعر بها لكن تجنب التمادي فيها كي لا تقع في دائرة الاكتئاب ، توقف عن تأنيب نفسك و أعتبر ما حدث تجربة تتعلم منها التعامل مع الاخرين .
قم بقرأة الكتب التي تتحدث عن العلاقات السيئة و تواصل مع المتخصصين حتى لا تكرر أخطائك الماضية أو تعود للعلاقة العاطفية السامة أو تدخل في علاقة شبيه لها في المستقبل
تذكر بأن التحرر من العلاقات السامة قد يكون صعبا في البدايه لكن مع الوقت ستتاقل مع الوضع وتستعيد ثقتك بنفسك وتواصل رحلة الحياة بنفس مطمئنه بأذن الله.