الصحوة – د.حمد السناوي
س، ع شاب في منتصف الثلاثينيات من العمر، متزوج وأب لطفلي وظيفته تدر له راتبًا جيدا، تعرف على فتاة في منتصف العشرينيات عبر أحد مواقع التواصل الاجتماعي، بدأ التعارف بكبسة زر على هاتفه عبر من خلالها عن إعجابه بصورة نشرتها الفتاة على حسابها وهي ترتدي الزي الشعبي في يوم العيد، أجابته هي بعدها بدقائق بإرسال وردة حمراء وايموجي مبتسم، ردا عليها هو بالمزيد من الإعجاب وتهنئة من “معجب” بالعيد السعيد، استمر التواصل بينهما تدريجيا إلى أن جاء اليوم الذي أرسل لها صورته وهو يتمرن في النادي الرياضي وقد بدت عضلاته، أبدت هي إعجابها بالصورة وتدريجيا تمادى هو بإرسال المزيد من الصور الفاضحة، لم تطالبه بالتوقف بل استمرت في طلب المزيد من تلك الصور مما أثار غريزته إلى أن أرسل صورته وهو عاريًا ، انقطعت رسائلها ليتفاجأ في اليوم التالي باتصال من رقم غريب من رجل غاضب يهدده بالتبليغ عنه لإرسالها صور فاضحة لهاتف أخته، حاول الإنكار لكن المتصل أرسل له نسخا من تلك الصور والحوارات الجنسية التي صاحبتها، لم يستطع الإنكار، وبعد لحظة صمتا أخبره المتصل أنه مستعد بالتغاضي عن الموضوع ومسح الصور مقابل مبلغ وقدره عشرة آلالاف ريال، ذهل س، ع وقبل أن يرد بالرفض أكمل المتصل أن الأمر يتعلق بسمعة الفتاة قبل سمعته هو وأن الموضوع لو وصل إلى محاكم سيجلب له الفضيحة وربما يخسر وظيفته، عندها لم يجد س، ع بدا من الرضوخ ودفع المبلغ على وعد من المتصل بأن يمسح الصور لكن بعد أيام جاه اتصال من نفس الرقم يطلب عشرة آلالاف أخرى ليكتشف س، ع حينها أن المتصل كان قد تقمص شخصية فتاة من البداية وكان يشجعه على إرسال الصور الفاضحة كجزء من خطة محكمة للنصب عليه.
يقول المثل العربي “غلطة الشاطر بألف” ويخبرنا علم النفس أن ارتكاب الأخطاء جزء من حياتنا اليومية بغض النظر عن طبيعة تلك الأخطاء وعواقبها، فقد نخطئ في اختيار التخصص أو اختيار الأصدقاء أو شريك الحياة، أو نخطئ في شراء سلعة ما أو السفر إلى بلد معين، وتختلف أسباب تلك الأخطاء مثل عدم التأني في اتخاذ القرار وعدم أخذ آراء ذوي الخبرة والاختصاص، وأحيانا يحدث الخطأ لأن الشخص انساق لشهواته وثقته المبالغة بأنه سوف ينجو بفعلته تلك، كما أن المشاعر الإنسانية المختلفة يمكنها أن تعمي بصيرة الفرد فلا يرى الحقائق أمامه فيتحمس لموضوع ما وينغمس فيه دون تفكير في العواقب، بينما يبحث الشخص الذي يعاني من الضغوطات النفسية عن مهرب سريع يخرجه من تلك المشاعر السلبية فيتهور مهما كان حجم تلك الغلطة، أحيانا تدخل في علاقة سامة لأن علاقتك السابقة انتهت وأصبحت تشعر بالوحدة والفراغ فترضى بأول علاقة، كما يقول المثل “تداوي جرح بجرح”، أو لأنك تفتقد إلى الثقة بنفسك فتقبل بأي شي، لذا يجب الانتباه إلى عدم الانقياد إلى العلاقات الإلكترونية ورسم حدود التعامل من البداية والانتباه إلى العلامات التي تشير بأنك الحوار يأخذ طريقا غير صحي، ورغم أن الخبرات الحياتية لها دون كبير في صقل شخصية الفرد وتنمية قدراته وبالتالي تقل أخطاؤه إلا إن هذا لا يعني أن الشخص الناضج معصوم من الخطأ فلكل منا نقاط ضعفه.
ختاما، تذكر أن التأني في اتخاذ القرارات وتدارس الأمر من مختلف الجهات يمكنه أن يجنبك الوقوع في الخطأ.