بقلم: ياسر الشبيبي
أعادت حرب غزة الأخيرة بعض التساؤلات القديمة الحديثة حول نظرية “التدفق الإخباري للمعلومات” من الشمال إلى الجنوب أو من الدول المتقدمة -التي تفرض سيطرتها على وسائل الإعلام- إلى الدول النامية التي لا تملك من أمرها شيئا سوى تلقي المعلومة والخبر كما يصلها.
تلك السيطرة على وسائل الإعلام ورفص دول الشمال أية محاولة لجعل تدفق الأخبار متوازنا بين القطبين الشمالي والجنوني؛ يجعل صورة الوضع الراهن في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير مكتملة وتفتقر لأدنى مقومات المصداقية والشفافية؛ فتصل تلك الصورة مشوهة إلى شعوب الدول المسيطرة على الإعلام الدولي وإلى أغلب شعوب العالم عبر وسائل إعلام غربية منحازة إلى الكيان الصهيوني الغاشم؛ فتضعه في صورة الضحية التي تدافع عن نفسها من المقاومين الفلسطينيين الإرهابين.
وهذا الوضع –من وجهة نظري- سيستمر طويلا ما دام التقديم -بمختلف أشكاله- مستمرا في دول الشمال ما لم تتحد دول الجنوب ومنها دولنا العربية والإسلامية لكسر هذه الهيمنة الغربية وإعادة إحياء محاولاتها السابقة لتكوين تكتلات إعلامية مشتركة تصدع من خلالها بصوت الدول النامية وإيصاله إلى دول الشمال وشعوبه المغيبة عما يدور حولها؛ ولترميم الصورة النمطية التي وضعها إعلام الغرب عن العربي والمسلم وعن القضية الفلسطينية وأبعادها وحقيقتها.
وإذا ما استثنينا بعض المحاولات المتواضعة فإن منطقتنا العربية والخليجية بحاجة لقنوات ووكالات أنباء متخصصة في مختلف المجالات بلغات متعددة؛ وهذا ما يتطلب ضخ ميزانيات ضخمة وتكوين تكتلات إعلامية مشتركة أو منفردة بكل دولة على حدة؛ تستطيع من خلالها الاستفادة من تلك القنوات الإعلامية لوضع دولنا على الخارطة السياسية والمساهمة في التنمية الاقتصادية وغيرها من مجالات التنمية؛ وليس أدل على تلك الحقيقة ذلك الدور الذي لعبته قناة الجزيرة -ذات الانتشار الدولي- خلال الأزمة بين بعض الدول الخليجية ودولة قطر حيث كان لها دور محوري في إيصال صوت الدوحة إلى من أرادت.
وبانتظار تلك الخطوات الطموحة لدولنا العربية والإسلامية؛ فإن علينا كأفراد أن نستفيد مما هو موجود حاليا من تقنيات ومنصات رقمية في إيصال صوتنا والتعريف بالقضية الفلسطينية بلغات متعددة وبمختلف أشكال الإنتاج الإعلامي؛ والسلام ختام.