الصحوة – سمية الشبيبية
في عالمٍ ملئ بالفنون التشكيلة المختلفة، يُعد النحت أحد فنون ذلك العالم والتي تمكن الشباب باستعادة روحه وقوته. وفي سلطنة عُمان برز أحد فناني هذا الفن البصري المذهل، “الصحوة” تسلط الضوء عليه في هذا الحوار الشيق:
من أروقة مهرجان فن مسقط المُقام مؤخرًا في مركز عمان للمؤتمرات والمعارض والذي احتضن العديد من الكفاءات العُمانية المبدعة في العديد من مجالات الفنون التشكيلة، يصحبنا النحات العُماني الدكتور الدؤوب علي بن سليمان الجابري.
في ولاية صحار ولد النحات علي مع حلول عام ١٩٨٠، وكان لوالده دور كبير في تنشأته وتوجيهه نحو ثقافة الفنون الأدبية والتشكيلة، وبعد مرحلة المدرسة إلتحق فناننا النحات بجامعة السلطان قابوس لتخرج فيها حاصلًا على درجة البكالوريوس في تخصص التربية الفنية وهي الفتره التي استكشف فيها اتجاهه نحو النحت بدلاً من استمراره في مجال العمارة خاصة بعد أن حصل على جائزة في عام ٢٠٠٣ خاصة بالنحت.
وبدأت شخصية النحات علي بالتكون شيئاً فشيئًا نحو النحت الحديث، حتى حصل على الماجستير في الإدارة التربوية من معهد البحوث والدراسات العربية بمصر، وكانت لديه الفرصة للنحت على الرخام؛ ليفوز بالعديد من الجوائز العالمية والدولية والمحلية؛ لتكون تلك الجوائز بمثابة الدعم المباشر له لاستمراره في مجاله بشكل أوسع وأعمق، وأنتقل بعدها لتونس لاستكمال دراسته والحصول على درجة الدكتوراه عن دراسة متعلقة بالخامات الطبيعية العمانية وقيمتها التعبيرية وارتباطها بتجربته الذاتية.
وما بين إنجازاته الشخصية في النحت ودراسته الأكاديمية سنحت الفرصة أمامه لتوظيف ما اكتسبه من معارف ونقلها لطلبته من خلال تدريس مواد النحت في جامعة السلطان قابوس وبعدها في جامعة صحار. كما أشرف ونظم عدد من المعارض الفنية، وأسس عدد من المشاريع الرامية التي تساهم في التسويق للفن التشكيلي العماني، إضافةً لعدد من الفعاليات الفنية.
ومن أبرز تلك الفعاليات الفنية التي أشرف على تنظيمها “مخيم النحاتين الدولي” بصحار. وبتفاصيل أكثر يحدثنا علي الجابري عن المخيم بقوله: “كان للنسخ السابقة من مخيم الناحتين الأثر البارز في استعراض هذا الفن وتوجيه الأنظار له، مؤكدًا أن النسخة القادمة من المخيم سيشارك فيها نخبة من نحاتي العالم من مختلف الدول، إضافةً إلى تدشين كتاب يحكي قصة مخيم النحاتين منذ بدايته”.
وأتاح لي اللقاء مع الفنان في مهرجان -فن مسقط- الفرصة بالتحدث معه ومعرفة تطلعاته وتجاربه النحتيه بإتجاه مستقبل عُمان، فمن الضروري بأن يعطى المكانة التي يستحقها لأن ممارساته في مجال النحت ممارسة قادرة على ترجمة شغف وطموح كل فنان ولا يكتفي بكل ما تقدمه الحكومة والمؤسسات العامة؛ لأنه فناناً واعي بوجوب السعي والمبادرة لتطوير المهارات وصقلها وهذا يتم بواسطة الاحتكاك على حد تعبيره.
وأكّد الجابري أن النحت بحاجة إلى مفردات سواء كانت مفردات بصرية أو مفردات مفاهيم، كما أشار إلى أنه لا يمكن لأي فنان أن يصل إلى تلك المفاهيم ويطورها إلا من خلال التأمل؛ لأن التأمل هو اللي يدفع الفنان إلى الإبداع. مُضيفًا أن المشاهدة والملاحظة والتأمل هي أولى مراحل المنجز النحتي، وبعدها تبدأ مرحلة التجريب ثم تنتقل إلى الممارسة والاتقان والإجادة، حتى الوصول إلى الإبداع.
وبذلك يكون النحات علي الجابري نموذجًا بارزًا للفنانين التشكيلين المبدعين في وطننا، وتقف أعماله وإنجازاته شاهدًا على ذلك؛ للاطمئنان على الفن التشكيلي وتوسعه في سلطنة عُمان.