بقلم: سليمة بنت عبدالله المشرفية
في الجاهلية قررت قريش أن تفرض حصارا على المسلمين؛ فمنعت أن يُبتاع منهم أو لهم وأن يُتزوج منهم أو يزوجوهم وما إلى ذلك من بنود الحصار الجائرة وبعد ثلاث سنوات من هذا الحصار دبت النخوة في قلوب بعض من العرب وسعوا لإنهاء هذا الحصار وتمزيق صحيفته !
هذا الذي حدث كان في جاهلية ما قبل الإسلام ، أما جاهليةهذه القرون المتأخرة فإنها أشد من ذلك بكثير بل لا يقارن ذاك الحصار بما تفعله القوى الكبرى التي تتشدق بحقوق الإنسان ليل نهار وتدّعي أنها على مستوى من الحضارة ولعمر الله فإن أفعالها لا تشي برائحة حضارة ولا تطور!
في سنة ١٩٩١م قررت أمريكا بصفتها القوة الكبرى الوحيدة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ولها الكلمة العليا أن تفرض حصارا على العراق فدام حصارها ثلاث عشرة سنة حتى اضطر العراق إلى تقديم صفقات النفط مقابل الغذاء والدواء ، وما انتهى ذلك الحصار إلا بحرب ضروس شنتها أمريكا وحلفاءها على العراق وأحداث ما بعد ذلك معلومة لديكم ،أما حصار غزة الذي يستمر إلى اليوم فقد دام ستة عشر سنة حتى غدت سجنا مفتوحا يضم مليوني وخمسمائة ألف نسمة يعيشون بلا أدنى مقومات الحياة!
يدّعي الإنسان أنه تقدم وتطور واكتشف وارتقى ودعواه هذه صحيحة لكنها على مستوى المادة ؛ فنعم هناك نهضة علمية هائلة مكّنت إنسان اليوم من الوصول إلى تطور مادي يعده الأجداد ضربا من الخيال، أما على مستوى الأخلاق ؛ فالإنسان في تقهقرٍ غير مسبوق
نرى ذلك في أحداث حرب غزة الأخيرة حيث يتعمد الكيان الصهيوني الغاصب بتسليط جم غضبه على المدنيين واستخدام أسلحة محرمة دوليا كالفسفور الأبيض وغيرها ، كما يتعمد قصف المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس في حرب إبادة معلنة أمام أعين العالم الذي تبارك القوى الكبرى فيه هذه الحرب وتؤيدها قلبا وقالبا
إن الكيان الصهيوني يخالف كل أخلاقيات الحرب التي ينص عليها مجلس الأمن الدولي الذي أنشيئ في أعقاب الحرب العالمية الثانية لمنع وحشية الإنسان وكبت جماح طغيانه وجوره ، ورغم ذلك فإن العالم (المتحضّر) في هذا اليوم يقف متفرجا على الجرائم والمجازر الصهيونية مما يدل على انحطاط أخلاقي حضاري يعيشه إنسان المادة المتشدق بالتطور..