الصحوة – ياسر الشبيبي
تمتد جمهورية الصين الشعبية على مساحة شاسعة تصل لأكثر من 9.6 مليون كيلومتر مربع؛ جعل من حدودها تتقاطع مع 14 دولة، وتتنوع في تضاريسها بين الغابات والسهول والصحاري إلى جانب اختلاف الطقس في 22 مقاطعة وخمس مناطق ذاتية الحكم تتألف منها هذه الجمهورية العريقة بتاريخها؛ والضخمة بإنجازاتها وثقلها السياسي والعسكري والاقتصادي.
مؤخرا؛ سنحت لي الفرصة بزيارة جمهورية الصين الشعبية والتي يطلق عليها باللغة الصينية (تشونغوا)؛ للمشاركة في أحد مساقات برنامج طموح ترعاه وزارة التجارة الصينية والذي يتم من خلاله استضافة عدد من الموظفين ورجال الأعمال والإعلاميين من عدد من الدول الآسيوية والأفريقية للتعرف على التجربة الصينية في عدد من المجالات والقطاعات المتنوعة كالتجارة الإلكترونية والإعلام والمالية واللوجستيات وتقنية المعلومات والاتصالات وغيرها من قطاعات ومجالات حيوية.
في هذا البرنامج يتم تنظيم عدد من حلقات العمل والمحاضرات بواسطة عدد من المحاضرين والمتخصصين؛ إلى جانب تنظيم زيارات متنوعة لعدد من المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة؛ للاطلاع على إنجازاتها ومشاريعها؛ كالشركات المتخصصة في التقنية كشركة علي بابا، وشركة تينسنت، ومجموعة هواوي؛ إلى جانب شركات تصنيع السيارات؛ والشركات المتخصصة في النفط والغاز والكهرباء والرعاية الصحية والنقل واللوجستيات؛ وهي قطاعات حيوية ومهمة يجب على دول المنطقة حث الخطى لتطويرها والاستفادة من التجربة الصينية فيها.
وبعيدا عن البرنامج التدريبي الذي كان لي شرف المشاركة فيه؛ لابد لي من الإشارة إلى تلك الصورة غير المكتملة عن جمهورية الصين وشعبها؛ والتي ربما يكون لعامل البعد الجغرافي واختلاف اللغة وضعف التسويق الإعلامي دورا في عدم اكتمالها؛ فحقيقة الأمر أنني تفاجأت بدولة عريقة في تاريخها وضخمة بإنجازاتها التقنية والاقتصادية والسياسية؛ وبشعبها الودود والمتعاون والمنظم في مختلف تعاملاته التي دائما ما تبدأ بابتسامة صينية تنم عن الأخلاق العالية التي يتمتع بها هذا الشعب الراقي.
في هذه الجمهورية التي ازدهرت قديما على جنبات حوض النهر الأصفر؛ يوجد اليوم أحد أهم وأسرع الاقتصاديات حول العالم؛ والتي استطاعت أن تسخر قوة بشرية هائلة تصل لأكثر من مليار و45 مليون نسمة لخدمة اقتصادها وتحقيق التنمية الشاملة؛ بعكس كثير من الدول التي لم تستغل القوة البشرية لمصلحتها؛ بل وأصبحت عالة تعيق تقدمها.
خلاصة القول؛ أن جمهورية الصين الشعبية تعد نموذجا يحتذى به في مختلف المجالات وأن التقارب الثقافي والسياسي والاقتصادي مع هذا العملاق الأسيوي سيساهم في الاستفادة مما لديه من إمكانيات وخبرات؛ وفي ذات الوقت سيسهم في تحقيق التوازن في المنطقة من منطلق تعدد الأقطاب والتحالفات بدل من التحالف الواحد وهذا مبدأ اعتمدته سلطنة عمان منذ أجيال وعقود؛ كما يمكن للمستثمرين ورواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة التفكير بجدية في خلق تعاونات واعدة مع مختلف الشركات في السوق الصيني.