الصحوة-ريم النيرية
شخصية ملهمة تحمل في أعماقها شغفًا عميقًا بفن الطهي. لم تعد اليوم مجرد طاهية، بل أصبحت فنانة تعبر عن إبداعها وحبها للطهي من خلال أطباق تتجاوز الحواس وتخطف القلوب. هنا نغوص في تفاصيل قصتها الفريدة؛ كيف تحولت هوايتها إلى مهنة، وكيف يعكس كل طبق تحضره جزءًا من شخصيتها المميزة ورؤيتها للعالم.
باعتقادكم هل سنكتشف معًا رحلتها الملهمة ونكتشف السر وراء نكهتها الاستثنائية؟
بشری بنت أحمد الغدانیة، خريجة هندسة الإلكترونيات والاتصالات من جامعة التقنية والعلوم التطبيقية، التي اختارت أن تجمع بين شغفها بالتكنولوجيا وفن الطهي لتؤسس مشاريع ناجحة في عالم الحلويات. بشری هي صاحبة مشروع “تذويقة” للحلويات، ومشروع “خبيصة فاكتوري” المختص في صنع الخبيصة العمانية التقليدية. بالإضافة إلى نجاحاتها المهنية، بشری هي أيضًا أم لطفلين، مما يجعل قصتها مصدر إلهام لكثير من النساء العاملات.
قالت بشرى الغدانية:” شغفي بالطبخ بدأ بعد ماخلصت دراستي الجامعية وبدأت أعمل وصفات من الإنترنت وأجرب الحلويات والكيك مرة تنجح ومره تفشل”.
كما أضافت بشرى :” كانت أمي هي شعلة حلمي و حققته بفضل اجتهاد أمي- رحمها الله ، هي علمتني وصفه الخبيصة العمانية وكانت آخر شئ علمتني اياه قبل وفاتها .. تعلمت منها أسرار ونكهات الخبيصة وطريقة إعدادها من الألف إلى الياء .. ونصحتني أن أكون كريمة بالهيل والزعفران”.
وقالت الغدانية:” تتميز خبيصتنا بطعمها الأصيل بالهيل والزعفران من اللقمة الأولى تحسسك بكرم أمهاتنا وجداتنا في المطبخ العماني ،، مع اضافة الصوص الخاص المميز وهذا باعتقادي شئ جديد ومميز في عالم الخبيصة العمانية وتجعل العميل يكتشف سر تجانس النكهات ولذاذتها”.
بدأت بشرى مشروع “الخبيصة” بعد نجاح مشروعها للحلويات “تذويقة”، وبعد عدة تجارب لفهم السوق واحتياجاته من المشاريع المنزلية. بدافع من إصرار الأهل والصديقات اللاتي جربن خبيصتها، بدأت بإضافة الخبيصة إلى قائمة منتجاتها. كما أضافت فكرة الصوص والمكسرات المحمصة، مما أضفى عليها طعماً مميزاً وزاد من لذتها. بدأت بشرى بتسويق الخبيصة عبر حساب الحلويات، وسرعان ما أصبحت ترند لفترة من الوقت، مما أدى إلى زيادة مبيعاتها وإقبال الناس عليها بشكل كبير، حيث عادوا لطلبها أكثر من مرة. وكانت “خبيصة العيد” هي النقطة الفاصلة في نجاحها، مما دفع بشرى لاتخاذ قرار بإنشاء حساب متخصص في “الخبيصة العمانية”.
كما أوضحت بشرى: “كثيرون يسألوني لماذا لم أواصل العمل في حساب الحلويات وبدلاً من ذلك تخصصت في الخبيصة وأطلقت لها حسابًا خاصًا؟ السبب هو أنه عندما تتخصصين في شيء معين و تركزين عليه، يصبح من السهل الانتشار والتعرف عليك فيه. أغلب الناس يعرفونني بالخبيصة وليس الحلويات.
السبب الآخر هو كثرة حسابات الحلويات المتنوعة وصعوبة انتشارها بين الناس. انتشار حساب الخبيصة، ما شاء الله، كان فوق المتوقع، وزادت المبيعات إلى ثلاثة أضعاف مقارنة بما كانت عليه عندما كانت كلها ضمن حساب واحد للحلويات.
لذلك، قررت إيقاف حساب الحلويات مؤقتًا للتركيز على تطوير الخبيصة. بفضل الله، استمرت المبيعات في الزيادة وما زالت تتزايد حتى الآن.”
التحديات والعقبات:
واجهت بشرى العديد من التحديات، أولها زيادة الطلب على الخبيصة العمانية، حيث كانت إمكانياتها محدودة في البداية. كانت عملية تحضير الخبيصة، بما في ذلك تحريكها المستمر، صعبة للغاية. للتغلب على هذه المشكلة، استعانت بمساعدين للقدوم بشكل يومي في أوقات محددة واستخدمت بعض الأجهزة لتسهيل المهمة. وبفضل هذه الإجراءات، تمكنت من زيادة الإنتاج إلى 30 كيلو من الخبيصة في اليوم بدلاً من 7 كيلو.
أما التحدي الثاني فكان ارتفاع أسعار الصوص والمكسرات والهيل والزعفران بنسبة 50٪. رغم عدم رغبتها في زيادة سعر الخبيصة، إلا أنها تمكنت من إيجاد مصادر خاصة لتوريد المواد بالجملة بدلاً من الشراء بالكيلو، مما ساعد في تخفيف الأعباء المالية.
و التحدي الأخير فكان تحقيق التوازن بين إدارة المشروع ورعاية عائلتها وأطفالها. كأم عمانية، تعتبر رعاية أطفالها أولوية أساسية، ويأتي مشروعها وغيره من الأمور في المرتبة الثانية. خلال فترات مرض الأطفال، توقفت تماماً عن العمل، وأثناء دراستهم تخصص وقتاً لمراجعتهم ولعب معهم. وفي أوقات ضغط الطلبات أو المناسبات مثل الأعياد والإجازات، تطلب المساعدة من العائلة التي قدمت لها دعماً كبيراً، ولله الحمد.
و قالت الغدانية: “في رأيي، إدارة المشروع تتطلب مرونة كبيرة وسرعة في التعامل. يجب أن تكوني جاهزة لاستقبال أي طلب في أي وقت من اليوم. من الضروري أيضًا أن تستقبلي الزبون بشكل مرحب وتقدمي له خيارات متنوعة. في مشروعي، نقدم ثلاثة أحجام مختلفة تبدأ من مبلغ بسيط وحتى الأحجام العائلية التي تكفي لعشرين شخصًا. كما نحرص على توفير خدمة توصيل سريعة لجميع المناطق مع ضمان سلامة المنتج أثناء نقله إلى الزبون.”
كما أضافت الغدانية: “توجد أفكار لتطوير الخبيصة من خلال إضافة صوصات و نكهات جديدة، مع الحفاظ على سر نكهة ‘خبيصة فاكتوري’ دون تغيير. فالتجديد ضروري لاستمرار المشروع. وأيضا هناك فكرة أود عرضها على الكافيهات، وقد تمت تجربتها وكانت رائعة جداً.”
وقالت أيضا : “ومن أجمل الكلمات التي أسمعها يوميًا هي: ‘ألذ خبيصة ذقتها في حياتي.’ هذه الكلمات كفيلة بأن تجعلني أواصل العمل في مشروعي، رغم الضغوط والتعب. مجرد رؤية ردود فعل العملاء الإيجابية وتكرار الطلبات تكفي. يكفي أن بشرى تقف يوميًا في المطبخ لتحضير ألذ خبيصة في عمان.”
أخيرًا، تقول بشرى: “قبل أن أبدأ مشروعي، كنت متخوفة، لكن الفراغ والملل يمكن أن يقيدا الإبداع بشدة. أنصح أي شخص يحب الطبخ، حتى لو كان الأمر بسيطًا، أن يبدأ في مشاريعه المنزلية الخاصة. فكم من المحلات الكبيرة الآن كانت صغيرة في البداية ومن المنزل. مشاريع الطبخ المنزلية مطلوبة بشكل كبير بسبب انشغال الناس بأعمالهم وعدم توفر وقت كافٍ لتحضير أطباق الحلا أو الموالح للزيارات الأسبوعية. فكر ونفذ فورًا، لا تنتظر المساعدة، واستخدم أبسط الأدوات المتاحة.”