الصحوة – خميس بن سالم الحراصي
السعي الدؤوب نحو النجاح والتميز ، يتمثل في فكرة جميلة نشبهها بالجبل الجليدي الضخم ، الذي يظهر الجزء اللامع البسيط منه فوق سطح الماء ،حيث يمكننا أن نرى الصورة الظاهرة في هذه الفكرة بشكل واضح ، في حين يختبئ الجزء الأكبر منها تحت الماء ، وهو ما لا يظهر للناس ، لإن النجاح ليس مجرد ميداليات وتكريم وشهرة فقط ، بل هو نتاج لجهود حثيثة ، وتضحيات جليلة ، قد لا تُرى في الغالب.
وإذا تمعنا في الصورة التي نراها لتلك الإنجازات الباهرة والجوائز المرموقة التي يحققها أولئك المبدعون ، فهي تمثل ذلك الجزء البسيط الظاهر من الجبل الجليدي العظيم ، الذي يختبي الجزء الأكبر منه تحت سطح الماء ، وهو ما لا يراه او يدركه اغلب الناس ، ومن هنا تكمن الحكايات المليئة بالعمل الشاق ، والسهر المتواصل لليالي الطوال ، والدموع المنهمرة في طريق الكفاح ، لان النجاح رغم بريقه وجاذبيته الامعة ، ماهو الا نتاج لجهود جبارة ضخمة وتضحيات كبيرة لا تُحصى قد لا يدكها اغلب الناس .
تعالوا معنا في هذا المقال لنكتشف الجانب الخفي من قصص النجاح الملهمة، ونتعرف بشكل أكبر على ما يراه الناس وما لا يراه ، وكيف يمثل كل إنجاز كبير في الواقع تلك القمة العائمة البسيطة لذلك الجبل الجليدي الذي يختفي معظمه تحت السطح وهو ما لا يظهر للاخرين من الجهود الحثيثة التى بذلت للوصول الى هذا الانجاز.
ان قصص النجاح المبهرة تعد جزءًا من حياتنا اليومية ، فكثير ما نسمع ونرى الكثير من القصص التي تتألق في وسائل الإعلام المختلفة ، تحكي عن أفراد وصلوا إلى قمة الإنجاز والشهرة، ولكن إذا ما أمعنا النظر عن الكيفية التي سبقت لتحقيق تلك النتائج النهائية لهذه الرحلات الناجحة، فقد نجد ان النجاح ليس مجرد صورة براقة أو لحظة مجيدة يتم الاحتفال بها ، بل هو بالأحرى نتاج لسنوات طويلة من العمل المتواصل، والتضحيات الكبيرة، والكفاح الدائم، وان ما يظهر لنا من إنجازات تتمثل في القمة الظاهرة لذلك الجبل الجليدي الضخم، والذي يتوارى معظمه تحت سطح الماء، وان ذلك الجزء الخفي منه، هو تلك الجهود السابقة التى بذلت في الليالي الطوال التي قضاها اولئك الناجحين في العمل الشاق، واللحظات الصعبة التي شعروا بها بالإحباط واليأس، والاستمرار المتواصل رغم كل ما واجههم من صعوبات وتحديات كبيرة أدت في نهاية المطاف الى انجاز النجاح المبهر .
لكل شخص ناجح توجد حكاية تتجاوز الأضواء والشهرة ، وتكمن خلف كواليس النجاح قصص من الفشل والإحباط ، لكنها في النهاية كانت مجرد محطات مؤقتة على طريق النجاح ، فهؤلاء الأشخاص لم ينجحوا بين ليلة وضحاها ، بل لقد اختبروا الفشل في مراحله المختلفة، وربما شعروا بالرغبة في الاستسلام ، لكن ما جعلهم يتميزون حقا هو قدرتهم على النهوض مجددًا ، واصرارهم الى تحويل الإخفاقات التى واجهتهم إلى وقود يحركهم نحو الأمام ، وتبرز الجوانب المهمة التي تغيب عن الأنظار هي تلك التضحيات الشخصية التي قدمها هؤلاء الناجحون لتحقيق ماسعوا الى انجازه .
ففي كل نجاح مبهر توجد قصص غير مرئية ، تتعلق بالفشل المتكرر والتحديات المستمرة والصراعات النفسية ، وان اغلب الأشخاص لم يصلوا إلى ما هم عليه دون مواجهة صعبة لتلك العقبات ، وان لكل واحد منهم مواقف صعبة كانت كفيلة بأن تجعله يتوقف عن المحاولة ، ولكن الاصرار على تحويل التحديات إلى فرص كانت المحفزات لذلك التقدم لتحقيق النجاح المبهر.
ومن القصص الملهمة والمحفزة في عالم الأعمال قصة “توماس إديسون”، الذي يُعتبر واحدًا من أعظم المخترعين في تاريخ البشرية ، باختراعه للمصباح الكهربائي ولم يكن ذلك وليد الصدفة، بل هو نتاج محاولات متعددة تجاوز عددها الألف محاولة فاشلة ، في كل مرة كان يفشل فيها لم يكن ينظر إلى الفشل على أنه نهاية الطريق، بل كان يرى فيه خطوة ايجابية نحو تحقيق النجاح ، وان هذا النوع من الإصرار هو ما يحتاجه كلا من يسعى لتحقيق أحلامه.
فالتميز والصعود للقمة دائما يتطلب التزامًا طويل الأمد، وقدرة كبيرة على التكيف مع المتغيرات والظروف الصعبة ، والخروج من منطقة الراحة ، والتزود بمهارات التغلب على التحديات وتعلم الدروس المستفادة من كل تجربة فاشلة ، وان ذلك هو ما يصنع النجاح والتميز .
و يجب أن نتذكر أن النجاح ليس نهاية الطريق، بل هو بداية لمرحلة جديدة من التحديات وان كان الوصول إلى القمة صعبًا ، ولكن الأصعب الاكثر هو البقاء في تلك القمة والمحافظة على ذلك التميز والنجاح المستمر ، وان ذلك البقاء يتطلب استمرارًا في التعلم والتطوير والتكيف مع المتغيرات ، فالناجحون الحقيقيون يدركون أن ان النجاح هو رحلة مستمرة، وأن الحفاظ على التميز يتطلب نفس القدر من الجهد والتفاني الذي يتطلبه الوصول إلى القمة.
في ضوء ذلك ، يجب أن ننظر إلى النجاح والاستمرار فيه نظرة شاملة ، وليس فقط مجرد تتويج للجهود، بل هو عملية مستمرة تتطلب الصبر والإصرار والرغبة الأكيدة في التعليم والتحسين المستمر، وعلى الرغم من أن الجوانب البراقة قد تكون هي ما نراه في النهاية ، إلا أن القوة الحقيقية تكمن في الجوانب الخفية ، المتمثلة بالصبر على التحديات، والمقدرة على تحويلها إلى فرص مؤاتية للتطور والنمو والتميز المستمر.
في النهاية، يمكننا أن نستخلص الدروس المهمة من قصص ذلك النجاح الذي نراه ، وليس أن نحلم فقط بتحقيقه ، بل أن نكون على الاستعداد للعمل من أجله ، والتعلم والاستفادة من كل خطوة نخطوها على هذا الطريق الغير الممهد، والاصرار على مواجهة صعوبته ووعورته، فالنجاح الحقيقي يأتي من داخلنا كالقوة والإصرار على متابعة الطريق مهما كانت تحدياته صعبة ، فسعينا نحو تحقيق أهدافنا بثقة وعزم وإصرار، تجعلنا نوصل الى قمة النجاح مهما كان ذلك حلمًا صعب المنال.
ومن هذا المنطلق ، فجميعنا يدرك أن النجاح يتطلب تضحيات كبيرة ، سواء كانت تضحيات شخصية ، اواجتماعية ، اومهنية ، وايضا المحافظة على العادات الصحية الجيدة ، وهو ما يعد جزءًا أساسيًا من السير في هذا الطريق، حيث لا يمكن تحقيق النجاح دون جسم صحي وعقل سليم ، فالمداومة على ممارسة الرياضة، وتناول الطعام الصحي، والحفاظ على التوازن النفسي والعاطفي ، هي أساسيات لا غنى عنها تساعد في تحقيق النجاح والتميز المرموق.
فتطوير العادات الحسنة ، واكتساب النضج العاطفي والفكري ، يلعبًا دورًا محوريًا في تحقيق التميز والنجاح ، وان هذه العادات المكتسبة هي التي تساعد في الحفاظ على التركيز والإصرار على تحقيق الأهداف ، بغض النظر عن العقبات التي تعترض الطريق ، فالقراءة المستمرة ، والتعلم المستمر، والتطوير الذاتي من أهم تلك العادات.
في النهاية يمكننا القول : إن النجاح ليس مجرد هدف نصل إليه ، بل هو مسار مليء بالتجارب والتحديات التي تشكل شخصيتنا وتحدد مستقبلنا ، وعلينا أن نتعلم تقدير الجهود التي نبذلها ، وأن نفهم أن كل نجاح نحققه هو نتيجة لتراكمات من الصبر ، والإصرار، والتعلم من الفشل ، وهو انعكاس لحياة مليئة بالعمل والتضحية والمثابرة والتحدي ، والحافز الذي يدفعنا للاستمرار نحو تحقيق الأفضل والمزيد من النجاحات.