الصحوة- بلقيس الهنداسية
في إطار تعزيز العلاقات الثقافية بين سلطنة عُمان وجمهورية بيلاروس، شهدت السنوات الأخيرة تعاونًا ملحوظًا في مجال التبادل الثقافي بين البلدين الصديقين؛ تمثل في تنظيم عدد من الفعاليات التي سلّطت الضوء على إرث البلدين الحضاري ودورهما في التواصل الثقافي بين الشعوب ،ومن أبرز هذه الفعاليات كان معرض “بيلاروس على مفترق طرق التواصل الحضاري”، الذي أُقيم في المتحف الوطني العماني في عام 2018، ومعرض “عمان درة الشرق : الصناعات الحرفية ” الذي أقيم في العاصمة البيلاروسية مينسك عام 2019.
لم تكن هذه الفعاليات مجرد عروض ثقافية بل كانت محطات مهمة عزّزت الفهم المتبادل وأسهمت في توثيق العلاقات بين الشعبين العُماني والبيلاروسي. في عام 2018 دشّن جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- ، وزير التراث والثقافة -آنذاك- معرض “بيلاروس على مفترق طرق التواصل الحضاري” في المتحف الوطني، بحضور معالي الدكتور يوري بوندار، وزير الثقافة في جمهورية بيلاروس، وكان يعد هذا المعرض الأول من نوعه الذي يستضيفه المتحف الوطني العماني،وجاء متزامنا مع الزيارة الرسمية لوزير الثقافة البيلاروسي إلى سلطنة عمان، والتي شهدت توقيع مذكرة تفاهم بين وزارتي الثقافة العمانية والبيلاروسية.
تناول المعرض العلاقات العميقة بين جمهورية بيلاروس والعالمَين العربي والإسلامي على مر العصور، وعرض مجموعة من الكنوز الوطنية البيلاروسية التي يتم عرضها لأول مرة خارج حدود بيلاروس، واستبق افتتاح المعرض التوقيع على مذكرة تفاهم بين المتحف الوطني العماني والمتحف التاريخي الوطني في بيلاروس.
وفي عام 2019، شاركت سلطنة عمان ممثلة في المتحف الوطني وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في احتفالية بمناسبة مرور 80 عامًا على افتتاح المتحف الوطني للفنون الجميلة في مينسك بجمهورية بيلاروس، حيث كانت ضيف الشرف في هذا الحدث الكبير،ونظّم المتحف الوطني معرضًا بعنوان “عُمان درة الشرق: الصناعات الحرفية” كجزء من فعاليات “يوم عمان” التي تهدف إلى تسليط الضوء على ثقافة وحضارة سلطنة عمان في محافل دولية مختلفة، وكان ذلك تحت رعاية معالي يوري بوندار، وزير الثقافة البيلاروسي، وركّز المعرض على مجموعة متنوعة من الصناعات الحرفية العمانية، بما في ذلك الأزياء التقليدية، والحلي، والأسلحة المستخدمة في المناسبات الرسمية، وصناعة الخناجر والمباخر،كما عرض جوانب من الحياة العمانية مثل تقاليد الضيافة وعادات تقديم الطعام، بالإضافة إلى النسيج التقليدي ومكانة الإبل في سلطنة عمان .
وفي سياق المعرض، تم توقيع مذكرة تفاهم بين هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في سلطنة عمان والأرشيف الوطني لجمهورية بيلاروس، والذي جاء مؤشرا قويا في تعزيز التعاون الوثائقي بين البلدين، وتضمنت الاتفاقية إقامة أنشطة وفعاليات وثائقية مشتركة وتنظيم ندوات ومؤتمرات تساهم في تبادل المعرفة والخبرات بين الجانبين. تسلط هذه الفعاليات الضوء على أهمية استثمار القوة الناعمة في تعزيز العلاقات الدولية، حيث لا تقتصر فقط على إبراز التراث الثقافي المشترك بين الدول؛ بل تفتح أيضًا آفاقًا واسعة للتعاون في مجالات متعددة أخرى ،ومن خلال هذه المبادرات الثقافية، يمكن للبلدين تعزيز الروابط بين شعبيهما وتعميق الفهم المتبادل، مما يساهم في بناء علاقات مستدامة تسهم في خلق مستقبل مشترك مليء بالتعاون والتفاهم المتبادل.
وتأتي زيارة الرئيس البيلاروسي اليوم تأكيدًا لهذه المساعي، حيث تعكس حرص البلدين على تعزيز شراكتهما في مختلف المجالات، بما في ذلك تبادل الخبرات الثقافية والعلمية، مما يفتح أبوابًا جديدة لتعزيز العلاقات الثنائية وتوسيع دائرة التعاون الاستراتيجي بينهما.