الصحوة – د. شهد بنت حمد العمرانية طبيبة مقيمة في برنامج طب الأسرة المجلس العماني للاختصاصات الطبية
السمنة هي اضطراب صحي معقد ينتج عن تفاعل العوامل الوراثية، العادات الغذائية، العوامل البيئية، والسلوكية. وقد أصبحت السمنة مشكلة صحية عالمية متزايدة منذ بداية الألفينات ،حيث بلغ عدد المصابين بالسمنة في الولايات المتحدة الأمريكية 41.9% في العام 2021 و ذلك بسبب أنماط الحياة غير الصحية وانخفاض مستويات النشاط البدني.تبلغ نسبة السمنة لدى البالغين في سلطنة عمان 30.7% حسب احصائيات 2017.تتسبب السمنة في العديد من المشكلات الصحية الخطيرة التي تؤثر على جودة الحياة وتزيد من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة.
التأثيرات الصحية للسمنة
تزيد السمنة من خطر الإصابة بعدة أمراض مزمنة مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، وارتفاع ضغط الدم، والسكري من النوع الثاني. يؤدي تراكم الدهون في الجسم إلى زيادة مقاومة الأنسولين، مما يؤدي إلى خلل في تنظيم مستويات السكر في الدم، وبالتالي يزيد خطر الإصابة بالسكري.
علاوة على ذلك، تسبب السمنة ضغطًا زائدًا على المفاصل، مما يؤدي إلى مشكلات مثل خشونة و احتكاك المفاصل . كما أنها تزيد من خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي مثل انقطاع النفس أثناء النوم، والذي قد يؤدي إلى اضطرابات النوم المزمنة والتعب المستمرو كذلك تزيد من من احتمالية الأصابة ببعض أنواع السرطانات كسرطان الرحم، الثدي ، البروستاتا و القولون.
طرق تشخيص السمنة
تُعتبر السمنة بشكل عام وجود مؤشر كتلة جسم (BMI) يبلغ 30 كجم/م² أو أكثر؛ ومع ذلك، قد يكون زيادة محيط الخصر (للإناث: 88 سم أو أكثر، وللذكور: 102 سم أو أكثر) مؤشرًا أكثر دقة على السمنة، خاصة لدى البالغين وللأشخاص الذين يعانون من توزيع غير متناسب للدهون حول البطن، حيث يرتبط ذلك بمخاطر صحية أعلى.
يتم أيضًا إجراء اختبارات دم تشمل الفحوصات الشائعة تحليل الدهون في الدم ، مستويات السكرالتراكمي، اختبار وظائف الكبد، وتقييم مستويات هرمونات الغدة الدرقية .
استراتيجيات فعالة لإدارة السمنة
1 – التغذية الصحية
يُعد اتباع نظام غذائي متوازن أحد أهم العوامل في إدارة السمنة. يُوصى بتناول المزيد من الأطعمة الغنية بالألياف مثل الخضروات والفواكة، والحد من استهلاك الكربوهيدرات المصنعة والسكريات المضافة. كما يُفضل استبدال الدهون المشبعة بالدهون الصحية مثل زيت الزيتون والمكسرات.
2 – النشاط البدني
يعد النشاط البدني المنتظم عنصرًا أساسيًا في إدارة الوزن، حيث يُوصى بممارسة التمارين الرياضية لمدة لا تقل عن 150 دقيقة أسبوعيًا. يمكن أن تشمل التمارين الأنشطة الهوائية مثل المشي السريع، وركوب الدراجات، بالإضافة إلى تمارين المقاومة التي تساعد في الحفاظ على كتلة العضلات.
3 – التدخلات السلوكية
يتطلب فقدان الوزن الناجح تغييرات مستدامة في العادات السلوكية. تشمل هذه التغييرات التحكم في حجم الوجبات، وتجنب الأكل العاطفي، وممارسة تقنيات إدارة الإجهاد مثل التأمل والتنفس العميق. يمكن أن يكون الدعم النفسي والاجتماعي عاملاً محفزًا لمواصلة تحقيق الأهداف الصحية.
4 – العلاج الدوائي
في بعض الحالات، قد يكون من الضروري استخدام الأدوية الموصوفة لعلاج السمنة. تعمل هذه الأدوية عن طريق تقليل الشهية أو تقليل امتصاص الدهون. ومع ذلك، يجب استخدامها بحذر وتحت إشراف طبي، حيث قد تكون لها آثار جانبية محتملة.
5 – التدخلات الجراحية
تُعتبر جراحة السمنة خيارًا للأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة ولم يتمكنوا من إنقاص الوزن باستخدام الطرق التقليدية. تشمل العمليات الشائعة تحويل مسار المعدة وتكميم المعدة، والتي تساعد في تقليل كمية الطعام المستهلكة وتحسين تنظيم الهرمونات المرتبطة بالجوع والشبع.
الحفاظ على فقدان الوزن على المدى الطويل
بعد تحقيق فقدان الوزن، يصبح الحفاظ عليه تحديًا كبيرًا. يتطلب ذلك الاستمرار في تبني نمط حياة صحي، مع ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والمتابعة الدورية مع الطبيب. يمكن أن يكون دعم الأصدقاء والعائلة عاملاً هامًا في تحقيق استدامة فقدان الوزن.
ختاما السمنة ليست مجرد مشكلة جمالية، بل هي قضية صحية تتطلب اتباع استراتيجيات علمية لإدارتها. من خلال التركيز على التغييرات الغذائية، وزيادة النشاط البدني، وإجراء التعديلات السلوكية، يمكن تحقيق فقدان وزن صحي ومستدام، مما يسهم في تحسين جودة الحياة والوقاية من الأمراض المزمنة.