الصحوة – المحامية سارية بنت حمد السيابية
من أكثر الاستشارات التي تأتي خاصة من النساء قبل المضي في دعوى الطلاق أو ما بعد وقوع الطلاق : هل ستكون الحضانة للأب ؟ أو بصيغة : لو قررت أتزوج من رجل آخر فهل تسقط عني حضانة الأبنــــا ء ؟
طبعًّا الجواب على هذا السؤال لا يمكن أن يكون بعموميته ، كأن نجزم أنها للأم أو للأب ؛ لما للحضانة من خصوصية في تقديرها من قبل القاضي والتي تخضع وفقًّا لتقديره لعدة شروط قانونية وضعها المشرّع لمصلحة المحضونين ، ففي بعض الأحوال يُسند ها إلى الأم ، وتارة أخرى يرجّح مصلحة المحضون في البقاء لدى والده .
وعليـــه ؛ سنوضّح في هذا المقـال بعض الجوانب المهمة بشأن الحضانـة : مفهومها ، شروط يجب تحققها في الحاضن .
فالحضانة وفق المادة (125) من قانون الأحوال الشخصية : ” حفظ للولد وتربيته ورعايته بما لا يتعارض مع حق الولي في الولاية على النفس ” ، فالقانون قد جعل الغاية من الحضانة حفظ المحضون وتنشئته التنشئة السليمة مع الإشارة لعدم سقوط الحق الأصيل في الولاية على نفس المحضون من قبل الولي ، بمعنى ، إن أُسندت الحضانة لغير الولي ؛ فإن حق الولي يبقى محفوظًّا قانونا في ولايته على نفس المحضون .
أمّا من حيث الشروط اللازم تحققها في الحاضن فقد نصّ القانون على شروط عامة وشروط أخرى خاصة في الحاضن إذا كانت من النساء وكذلك شروط خاصة إذا كان الحاضن من الرجال .
فالشروط العامة سواء للرجل أو المرأة الحاضنة هي : العقل ، البلوغ ، الأمانة ، القدرة على تربية المحضون وصيانته ورعايته ، والسلامة من الأمراض المعدية الخطيرة .
وإذا كانت الحاضنة امرأة : أن تكون خالية من زوج أجنبي عن المحضون دخل بها ، إلا إذا قدرت المحكمة خلاف ذلك لمصلحة المحضون .
وهنا تجدر الإشارة إلى أن زواج الأم من شخص آخر أجنبي ليس سببا حتميّا لسقوط الحضانة عنها ، فقدّ جعل القانون للمحكمة السلطة التقديرية في الحكم بالحضانة للأم حتى في ظلّ زواجها من شخص أجنبي وذلك بالنظر لمصلحة المحضون ، فقد تحكم المحكمة بالحضانة للأم رغم زواجها من شخص أجنبي لكون أن مصلحة المحضون أن يبقى معها لا مع حاضن آخر.
وقدّ أكّدت المحكمة العليا ذلك في عدة مبادئ من ضمنها : المبدأ رقم : ( 147 / 2018 ) : ” تقرير مصلحة المحضون يدخل في سلطة المحكمة ولو بلغ المحضون السن الذي تنتهي فيه الحضانة لأن الغرض من الحضانة تحقيق مصلحة الغير “.
أمّا بالنسبة للشروط الخاصة بالرجل : أن يكون عنده من يصلح للحضانة من النساء وأن يكون ذا رحم محرم للمحضون إن كان أنثى .
وفي الختام ، فإن المشرع العماني قد جعل للمحكمة السلطة التقديرية للحكم بالحضانة لمن يستحقها وفق الشروط المنصوص عليها قانونا ، ويمكن للمحكمة أن تقدّر مصلحون المحضون من خلال عدة إجراءات تقوم بها لتصل إلى التقدير السليم لمصلحة المحضون ، كمثل : إحالة الأبناء للباحثة الاجتماعية لتعدّ تقريرا بشأن حالة الأبناء وفيمن يطالب بالحضانة ، وقد تطلب المحكمة حضور الأبناء والاستماع لهم بشأن رغبتهم في البقاء من عدمه مع المطالب بالحضانة ، وكذلك يمكن للمحكمة أن تضع بعين الاعتبار سنّ المحضونين ومدى حاجتهم للحاضن الطالب للحضانة من عدمه .
وأخيرّا ، فإننا ندعو الأباء بعد انحلال العلاقة الزوجية ألّا يجعلوا أبناءهم سببّا في كثرة الخصومات فيما بينهم ، وأن يخلقوا لهم البيئة المناسبة للحفاظ على استقرارهم النفسي والتعاضد فيما بينهم لتنشئتهم التنشئة السليمة حتى في ظل فك وثاق العصمة الزوجية .