الصحوة | نبراء حمد الكيومية.
يعتبر شهر رمضان الكريم من أسمى الفترات في حياة المسلمين حيث يتميز بلمِّ الشمل وصلة الأرحام يتجمع الأفراد مع عائلاتهم وأصدقائهم في أجواء مليئة بالروحانية والتقوى ولكن عندما يُجبر المرء على العيش بعيدًا عن موطنه لُبَّة فؤاده سوف يواجه عدة تحديات وتجارب جديدة قد تكون ذكرى جميلة أو تجربة مريرة.
قالت شيخة المنجي، مرافقة لزوجها المبتعث في كندا: “كانت تجربتي الأولى صعبة نوعاً ما لأنه أول رمضان أقضيه بعيداً عن وطني وأهلي كما أن فارق التوقيت كان له تأثير ورمضان هنا مختلف تماماً عن رمضان في الوطن كذلك بعد المساجد عن مكان سكننا جعلنا نعتمد على الساعة والإمساكية بدلاً من سماع صوت الأذان الحمد لله لم أواجه صعوبات كبيرة خصوصاً من ناحية الأطعمة كل شيء متوفر هنا بسبب وجود الجالية العربية بكثرة مما يتيح لنا الحصول على المحلات العربية والمطاعم بسهولة كما أن وجود المساجد في كل مكان يعزز الروحانية من خلال إقامة صلاة التراويح وصلاة الجمعة بالإضافة إلى الدروس والمحاضرات باللغتين العربية والإنجليزية أحضر أيضاً دروس دينية أونلاين في عمان بما يتناسب مع التوقيت هنا بسبب وجود فئة من المبتعثين العمانيين هنا نجتمع كل نهاية أسبوع عائلياً لتناول الإفطار والعشاء وكذلك لتأدية صلاة التراويح معاً هذا ما خفف عنّا ألم الغربة وغياب الأهل أيضاً أحضر مع أخواتي دروس فقهية أونلاين وهذا يعزز شعورنا بالقرب منهم المكالمات المرئية سهلت موضوع التواصل العائلي كذلك لدي جيران من الجنسية الباكستانية نجتمع معهم أحياناً للإفطار الجماعي هم يعتبروننا مثل أولادهم ونتبادل معهم الأطعمة وكانت تجربة رائعة للتعرف على الطعام العماني وطريقة تحضيره طبعاً الاختلاف الرئيسي هو غياب الجو العائلي حاولت جاهدة أن أجعل رمضان مختلفاً لأشعر عائلتي الصغيرة بالجو الإيماني من خلال تعليق زينة رمضان والتجمع لتلاوة القرآن والدعاء معاً والمساعدة في إعداد الفطور و من الذكريات الجميلة التي أحتفظ بها هي رمضان في فصل الشتاء هنا مع تساقط الثلوج والبرد الشديد هذا شيء لم نعتد عليه في سلطنة عمان كانت تجربة رائعة وفريدة حقيقة.”
سارة القريني تروي لنا : “إنها كانت تجربة صعبة لأنها كانت أول تجربة وأول مرة أكون فيها بعيداً عن أهلي خاصة في شهر رمضان هناك العديد من الفروقات خصوصاً أنني مغتربة في بلاد عاداتها شامية هنا في الأردن أجواء رمضان مميزة جداً من حيث الزينة التي تُعلق في كل مكان وأيضاً بسطات العصائر التي تزداد في رمضان بالإضافة إلى الفعاليات الرمضانية الأجواء تكون مميزة للغاية وعادة في رمضان هنا نحن العمانيين نقوم بزيارة بعضنا البعض كل يوم نجتمع في سكن معين لكي نشعر بالألفة وأجواء رمضان قليلاً أما بالنسبة للطقس في الأردن خلال رمضان يؤثر لأنه يكون عادة معتدلاً إلى بارد على عكس عمان حيث يكون الجو حاراً لذلك أشعر أن العطش أقل والصيام أسهل، من ناحية التقاليد هم قريبون منا في معظم الأشياء كونهم شعباً مسلماً لكن الشيء الجميل في الأردن هو وجود المسيحيين حيث تجدهم فرحين بشهر رمضان وفعالياته ويحرصون على مراعاة الصائمين في النهار أيضًا وجود المسحراتي عندما يقرع على الطبل ويمر على الأحياء قبل الأذان بنصف ساعة شيئاً مميزاً .
أما بالنسبة للمبتعثة زينب خليفة الكيومية أضافت لنا : “مع قرب شهر رمضان كنت أشعر بالحزن لأنني ولأول مرة سأقضي رمضان بعيداً عن أهلي فكرت كثيراً في العادات والتجمعات العائلية وصلاة التراويح في مسجد الحارة التي سأفتقدها في هذا الشهر هناك فروقات بالطبع مثل غياب لمة الأهل وربما الروحانية أو شيء آخر لا أستطيع وصفه جيداً بسبب أن بريطانيا دولة غير مسلمة هنا لا أسمع صوت الأذان من المسجد خمس مرات في اليوم وأغلب الناس غير صائمين وبالتالي لا يوجد إحساس قوي بشهر رمضان ولكنني بالطبع أحاول تقويته وأتقرب إلى الله أكثر كما أنني أتمتع بصحبة زميلاتي في البعثة اللاتي نساعد بعضنا البعض في تذكير بعضنا البعض بالذكر والعبادة في هذا الشهر الفضيل شهر رمضان دائماً مميز في أي مكان فهو يشعرني بالسكينة والروحانية حتى في الغربة أفضل الذكريات هي التجمع مع الأصدقاء على الإفطار وتجربة الأطباق التي نعدها معاً وأنا ممتنة لهذه التجربة الفريدة صحيح أن بريطانيا دولة غير مسلمة ولكن فيها عدد كبير من المسلمين من مختلف أنحاء العالم ولذلك يتوفر لدينا الكثير من البقالات التي توفر الأطعمة الحلال زاد الاشتياق للوطن مع قدوم رمضان بسبب غياب العائلة والأصدقاء وأحاول البقاء دائماً على تواصل معهم لذلك كل يوم تقريباً أفطر مع صديقاتي وزميلاتي في البعثة حتى لا أشعر بالوحدة وأحياناً نحاول طبخ بعض الأكلات التقليدية وأحياناً نرتدي ملابس تقليدية لدينا جمعيات عمانية في أغلب مدن بريطانيا التي يتواجد فيها الطلاب العمانيون والذين بدورهم يقومون بتنظيم إفطارات أو تجمعات بعد الفطور بين الحين والآخر أما بالنسبة للحفاظ على العادات الرمضانية فأنا دائماً أفطر مع صديقاتي وكل واحدة منا من مناطق مختلفة في عمان وبالتالي هناك اختلافات بسيطة في العادات الرمضانية ولكن لا توجد فروقات كبيرة لذلك لم يكن صعباً علي أن أحافظ على عاداتي الرمضانية.
نختتم قصص المغتربين عن عُماننا الحبيبة مع مازن مسلم المسكري، المغترب في دولة ماليزيا للدراسة والعمل، حيث أضاف قائلاً: “وقت الدراسة في ماليزيا كان عادياً، ولم نشعر بنفس الأجواء الرمضانية في عمان مع الأهل والمائدة الرمضانية التي تحتوي على الأكلات العمانية (مثل القيمات، خلية النحل، وغيرها). هنا فطورنا عادة يكون تمر ولبن، مع أكلات سريعة مثل الخبز بالقشطة بين فترة وأخرى نقوم بتنظيم إفطارات جماعية مع زملائنا المسلمين، الاختلاف هو في انعدام التواصل مع الأهل وعدم الاستمتاع بتناول الوجبات الرمضانية العمانية ، أيام الدراسة كانت أصعب وأكثر مللاً لكن حالياً في فترة العمل الأجواء أفضل بوجود عائلة مصغرة نقضي وقتنا بقراءة القرآن ومتابعة المسلسلات والخروج بين فترة وأخرى للإفطار أو للتنزه ماليزيا برغم كونها دولة مسلمة إلا أنها تفتقر الشعور بالأجواء الرمضانية حيث يمكنك مشاهدة المطاعم مفتوحة والناس يأكلون في نهار رمضان.
وبرغم الصعوبات التي يواجهها المغتربون في شهر رمضان بعيداً عن وطنهم الأم وأسرهم، إلا أن الروح الرمضانية تظل حاضرة بالفطرة في قلوبهم من خلال التمسك بالعادات والتقاليد الرمضانية العمانية الأصيلة المحفورة في قلب كل عماني ، والتواصل مع الأهل عبر منصات التواصل الإجتماعي التي تعد حلقة وصل بين المغترب وأهله ، والتجمع مع زملاء ورفاق الغربة الذين يساندون بعضهم البعض للتغلب على الإشتياق والوحشة ، ورغم اختلاف الأجواء الرمضانية في البلدان المغتربين فيها عن أوطانهم، تبقى مشاعر الإيمان والروحانية هي الرابط الذي يجمعهم خلال هذا الشهر الفضيل.