الصحوة – المهندس أحمد بن إبراهيم النقبي
إن الحفاظ على مكتسبات الوطن ليس مجرد واجب وطني فحسب، بل هو مسؤولية جماعية تتطلب تضافر جهود جميع أفراد المجتمع ومؤسساته. فالمكتسبات التي تحققت على مر السنين، في شتى المجالات، هي ثمرة جهود مخلصة وتضحيات جسيمة، تستوجب منا جميعاً صيانتها وتنميتها للأجيال القادمة.
أولى خطوات الحفاظ على هذه المكتسبات تكمن في الالتزام بالمطالبة بأوجه التحسين في القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية عبر القنوات القانونية المتاحة، فالمجتمع الحيّ لا يكتفي بما تحقق، بل يسعى دائماً نحو الأفضل. ومن هذا المنطلق، يصبح تفعيل دور المجالس المنتخبة ضرورة حتمية، فهي المنبر الشرعي الذي يعكس آراء وتطلعات المواطنين، ويساهم في صياغة القرارات التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن.
إن المطالبة بالتحسين يجب أن تكون بناءة وهادفة، تنطلق من حس وطني صادق ورغبة حقيقية في الارتقاء بمستوى الخدمات وتطوير الأنظمة والتشريعات.
في المقابل، يمثل عدم الانجرار وراء كل ناعق وكل من له مآرب أخرى، سواء كانت نابعة من جهل أو بإيعاز من الخارج، صمام أمان لحماية مسيرتنا التنموية. فالمعلومات المغلوطة والشائعات والأجندات الخفية تسعى إلى زعزعة الثقة وتقويض الجهود المبذولة. لذا، يتوجب علينا التحلي بالوعي النقدي والتمييز بين الرأي البناء والتحريض الهدام، والتمسك بوحدتنا الوطنية والالتفاف حول قيادتنا الحكيمة وهذه من السمات الأصيلة في هذا الشعب الأصيل التي يجب التمسك بها والمحافظة عليها.
أما على الصعيد الشخصي، فإن حل القضايا الشخصية عبر الحوار البناء يمثل ركيزة أساسية في بناء مجتمع متماسك وقادر على تجاوز التحديات، وما خصصته هذه البلاد الطيبة وقيادتها الحكيمة من منابر ومساحات للحوار لهو دليل على حرصها على توفير بيئة صحية للتواصل وتبادل الآراء، وهو ما قلَّ أن تجد له نظير في دول أخرى.
إن اللجوء إلى الحوار الهادئ والعقلانية في حل الخلافات يجنبنا الانزلاق إلى التوترات ويساهم في تعزيز روح التسامح والتفاهم بين أفراد المجتمع.
وفي هذا السياق، يأتي تحكيم العقل وعدم الانجرار وراء العواطف بشكل عمياني كضرورة ملحة عند التعامل مع مختلف القضايا. فالعواطف وحدها قد تقود إلى قرارات متسرعة وغير مدروسة، لا تأخذ في الحسبان القدرات والإمكانات المتاحة. لذا، يجب أن يكون التفكير المنطقي والتحليل الواقعي هما الأساس في تقييم الأمور واتخاذ القرارات التي تخدم المصلحة العامة على المدى الطويل.
ختاماً، لا يمكن للمواطن وحده أن يحافظ على مكتسبات الوطن دون حث المسؤولين على الاضطلاع بمهامهم الوظيفية وصون الأمانة الملقاة على عاتقهم. فالمسؤولية هنا مشتركة، وتتطلب من القيادات في مختلف القطاعات بذل أقصى جهد ممكن لإيجاد الحلول اللازمة للقضايا التي تؤرق المواطنين من خلال العمل الدؤوب والسعي المستمر نحو تحقيق نتائج إيجابية وفعالة فهو الضمان الحقيقي للحفاظ على مستوى لائق من الرفاه والتنمية التي تليق بهذا الوطن المعطاء وتاريخه العريق.
إن الحفاظ على مكتسبات الوطن هو رحلة مستمرة تتطلب وعياً وإدراكاً للمسؤولية الفردية والجماعية، والتزاماً بالقيم الوطنية الأصيلة، ويعد هدفاً سامياً نحو تحقيق المزيد من التقدم والازدهار لهذا الوطن العزيز والذي لطالما كان واحة للأمن والأمان وساعياً للسلم والسلام ومغيثاً لكل ملهوف ونصيراً لكل مظلوم.