الصحوة – ريان الجابرية
في عالم اليوم المتسارع، تجد الأم العاملة نفسها أمام معادلة معقدة: كيف تكون أمًا حاضرة ومهنية ناجحة؟ هذا التحدي العميق الذي تعيشه الكثير من النساء لا يتعلق فقط بتنظيم الوقت، بل بإعادة تعريفه.
من “الوقت الطويل” إلى “الوقت النوعي”
لم يعد مقياس جودة الأمومة بعدد الساعات التي تقضيها الأم مع أطفالها، بل بنوعية تلك اللحظات. يكفي أن تخصص الأم نصف ساعة يوميًا، تخلو من الهواتف والعمل والمشتتات، لتجلس مع طفلها وتشاركه لحظة حقيقية، سواء عبر لعبة أو رسم أو حتى حديث بسيط عن يومه. هذه الدقائق القليلة، حين تُعاش بكامل الحضور، تصنع فرقًا عميقًا في نفس الطفل.
تحدي الذنب هل هو الحل؟
كثير من الأمهات يشعرن بالذنب لأنهن لا يفعلن كل شيء. لكن الحقيقة أن الكمال خصم السعادة. الذنب الصحي قد يكون مؤشرًا على حبٍّ كبير، لكنه لا يجب أن يتحول إلى عبء. البديل؟ أن نعامل الأمومة كمشروع حياة يتطلب توزيعًا ذكيًا للجهد، ومساحة شخصية للأم، وتعاونًا أسريًا واعيًا.
ولادة مبادرة “نبض أم”
من هذا الواقع، جاءت مبادرة “نبض أم” كصيحة إنسانية ومجتمعية، أطلقتها مجموعة من المتطوعين بالشراكة مع وزارة التنمية الاجتماعية والشبكة العمانية للمتطوعين “تعاون”. المبادرة تهدف إلى دعم الأمهات العاملات، والتوعية المجتمعية حول التوازن بين العمل والتربية، ليس فقط بالندوات والكلمات، بل من خلال أدوات عملية تُطبق داخل كل بيت.
أدوات يومية تصنع تحولاً
جدول عائلي مرئي على الحائط يساعد الجميع على تقدير الوقت وتنظيمه.
مهمات صغيرة توكل للطفل، تعزز استقلاليته وتخفف الحمل عن الأم.
ساعة خالية من الشاشات تجمع الأسرة في نشاط مشترك: لعبة، طبخ، حوار.
رسالة إلى كل أم
حبكِ لا يُقاس بعدد الساعات، بل بجودة اللحظة. سعادتكِ هي أساس البيت، فدللي نفسك كما تروْقين، وتذكري أنك تصنعين الفرق كلما نظرت لطفلك بعينٍ حانية، أو استمعت له بقلبٍ مشغول لكنه حاضر.
فالأم العاملة ليست مجرد من تنهض باكرًا وتغادر المنزل، بل من تنبض شغفًا في كل لحظة، وتبتسم رغم التعب، وتبني جسور الحب والتوازن بصمتٍ لا يراه أحد لكنه يغيّر كل شيء.