قال الكاتب الصحفي حيدر بن عبدالرضا اللواتي في مقال له أمس بصحيفة عمان, أن التقرير الأخير الذي أصدرته مؤسسة بلومبيرغ الاقتصادية عن سوق مسقط للأوراق المالية يمكن أن نصفه بأنه يحمل ظلما كبيرا عن حركة السوق باعتباره واحدا من أكثر البورصات الخليجية والعربية التي تقدم التوزيعات النقدية للمساهمين بحيث تزيد أحيانا عن 10% من العوائد السنوية.
في الوقت ذاته نوه اللواتي على أن “مكافحة الفساد والقيام بحملة تطهير المؤسسات أمر ينتظره الكل لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تجابه المجتمع العماني، الأمر الذي سيؤدي إلى ترقية سوق الأسهم في السلطنة بجانب دفع المستثمرين الأجانب إلى الاستثمار في هذا السوق”.
و أشار اللواتي أن ” أرباح الشركات المساهمة المدرجة بالسوق بلغت لعام 2018 نحو 700 مليون ريال عماني (1.8 مليار دولار) وبنسبة نمو قدرها 23% مقارنة بأرباح 2017. وقد بلغت نسبة الشركات التي حققت أرباحا في القطاع المالي 89%، وفي قطاع الخدمات 87%، وفي قطاع الصناعة 71%. وهذه مؤشرات جيدة إلا أن التراجع اليومي لحركة السوق هو الذي يؤثر على النتائج الربعية”.
و أضاف ” ما نُشر عن السوق هو بيان مرحلي عن فترة من الزمن يأتي في وقت ما زالت المنطقة تعاني فيه من آثار تراجع أسعار النفط العالمية التي بدأت في منتصف عام 2014، بجانب ما تعاني منها المنطقة من ويلات الحروب مع اليمن الشقيق، وقرار أمريكا بانسحابها من الاتفاقية النووية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية وغيرها من القضايا الأخرى في المنطقة”
و أضاف اللواتي أن مثل تلك التقارير تتسبب في معاناة السوق بدرجة أكبر قائلاً “على المستوى المحلي فحركة سوق مسقط للأوراق المالية مرتبطة لدينا بالثقة التي يوليها المستثمر المحلي والأجنبي للوضع الاقتصادي للبلاد بشكل عام. فهو يعلم جيدا بأن هناك عجزا في الموازنة المالية للدولة، وأن تغطية هذا العجز يحتاج إلى المزيد من الاستدانة التي تحتاج بدورها إلى أموال لخدمة هذا الدين. كما ينظر المستثمر إلى الإجراءات التي تتخذها الدولة فيما يتعلق بحل مشكلة الباحثين عن عمل والتي تؤثر هي الأخرى في عملية حركة الأسواق، فيما تأتي التصنيفات لوكالات التقييم الدولية لتزيد أحيانا من معاناة الأسواق”
و قال اللواتي أن الأمر”يتطلب جميعها شفافية كبيرة في الإفصاح عن هذه التطورات، وقيام المسؤولين في الدولة بالتحدث عن الخطط التي يتم وضعها لمجابهة هذه القضايا والحلول المطلوبة لها. ففي حالات الأزمات لا بد من طرح الحلول والإفصاح عنها ليكون المستثمرون على ثقة بذلك، بحيث تعلن الدولة عن هذه الحلول والمدة التي تحتاج إليها كل قضية لفترة شهر أو ثلاثة أشهر أو سنة وهكذا. أما أن تبقى هذه المسائل دون قيام المسؤولين بالتحدث والإفصاح عنها فإن ذلك يزيد من متاعب وآثار تلك القضايا. فالاعتراف بوجود مشكلة أمر مهم، ولكن التحدث عن التشخيص والإجراءات التي يتم اتخاذها أهم من ذلك، لأن ذلك يزيد من مساحة الشفافية ويعطي ثقة أكبر في السوق وتجاه أي وضع سيء”. .
و أشار اللواتي إلى القرارات التي نفذت عن طريق برنامج ” تنفيذ قائلا” تابعنا جميعا القرارات التي نفذت عن برامج «تنفيذ» خلال الفترة السابقة، لكن نتساءل هل لمس الناس والاقتصاد الوطني نتائج إيجابية من هذا الموضوع المهم؟ ولماذا تباطأ المسؤولون عن التحدث فيما يتم أخذه من الإجراءات والقرارات بشأن ذلك؟؟. إن واحدا من أهم قرارات «التنفيذ» هو العمل على حل تدريجي للباحثين عن عمل، ووضع الآليات والتطبيقات. فأين وصل هذا الموضوع؟؟ فالمستثمر دائما ينظر إلى هذه القضايا بالصورة التي يراها في دول أخرى، ويحاول أن يكيفها بالصورة التي تناسبه، الأمر الذي يؤدي بالاستثمارات المحلية أحيانا أن تتوجه إلى خارج الدولة لصعوبة حل مشاكل العمالة المطلوبة للاستثمار داخل البلاد”.
و أضاف” نأمل بأن تشهد سوق مسقط للأوراق المالية عودة قوية يتم بها ضخ مزيد من السيولة مدعوما بتحسن أسعار النفط والإنفاق الحكومي الرأسمالي، وكذلك من تحسن نتائج الشركات المساهمة في الفترة القادمة. كما أن الضرائب على هذه الشركات لا تعني تراجع الموارد المالية للدولة لأن هناك قيمة مضافة من حركة السوق اليومية تتعلق بكاسب المستثمرين، خاصة الصغار منهم، وبمكاتب الوساطة وبالمؤسسات المالية والمصرفية، وتشغيل العمالة الوطنية وغيرها من المؤسسات التي تتعامل مع السوق. فقلة الضرائب تعتبر أحيانا صفة إيجابية – وليست سلبية- لجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية”
و طالب اللواتي بإجراء “التعديلات على بعض القوانين التي تؤدي إلى نفور الاستثمار الأجنبي، وبحيث تكون هذه القوانين أكثر استقطابا لرؤوس الأموال إلى البلاد, مشيراً إلى أن الاقتصاد الكلي بحاجة إلى حزمة من الإصلاحات الاقتصادية لتكون ضمن المحفزات، الأمر الذي سينعكس إيجابا في المدى القصير على السوق المالي أيضا.
كما نوه إلى أن السوق “محتاجة إلى عملية خصخصة مزيد من الشركات الحكومية وطرح جزء من أسهمها للاكتتاب العام، الأمر الذي سيساهم في دعم المحفزات وفي جذب الشركات الأجنبية للاستثمار في القطاعات المختلفة، بالإضافة إلى تدفق السيولة” .
و أشار اللواتي أن الوضع يتطلب من شركات الوساطة المحلية أن ” تمد المستثمرين بدراسات أكثر فاعلية حول الأوضاع المالية والاقتصادية للسوق لمساعدة المستثمرين على اتخاذ القرارات الصحيحة في ظل تأثر السوق، بالإضافة إلى تعزيز الشفافية في القطاع”. و أكد أن المستثمرين ” يحتاجون إلى مواكبة وتيرة التغيرات، خاصة وأن السلطنة معروفة بسياستها وعلاقاتها المتزنة مع العالم وابتعادها عن الدخول في تحالفات وفي مناوشات جانبية في المنطقة، الأمر الذي يعطي لها الأفضلية في المشهد السياسي وفي الاستثمار”.
رابط المقال في صحيفة عمان : http://www.omandaily.om/?p=687942