الصحوة – أسمهان الهنائية
بعبارة “لن يصنع أحد عالمك ما لم تصنعه بنفسك” شق طريقه إلى حلمه الذي سافر من أجله إلى بلدان شتى حتى يكتسب الخبرة اللازمة لتحقيقه. المهنا الزيدي من ولاية ضنك بمحافظة الظاهرة نجح في إنشاء جسر معلق يربط بين مزرعته والجبل المقابل لها بجهود ذاتية، ليضيف للولاية رونقا استثنائيا ومعلما سياحيا منفردا. وحول تفاصيل هذا الإنجاز التقته “الصحوة” في حوار خاص، وكان الحوار كالتالي.
عند الحديث عن الأسباب التي دفعته إلى القيام بهذا النوع من الأعمال، أشار الزيدي أن سفره الدائم وتجواله في دول شرق آسيا ( الهند – النيبال – ماليزيا – تايلاند)، ومشاهدته للجسور التي تربط بين التضاريس الخلابة التي تتمتع بها هذه البلدان، كان دافع قوي ونقطة انطلاقة أساسية لاستلهام الفكرة وتطبيقها على أرض الواقع، حيث كان الزيدي ينظر لتلك التصاميم بنظرة هندسية عميقة، كما كان يلتقط لها الصور من زوايا مختلفة لعلها تكسبه الخبرة اللازمة لإنشاء جسور مشابهة لها في بلاده.
وأكد الزيدي أن الجسر الذي يبلغ طوله 40 مترا، وارتفاعه 13 مترا أي ما يعادل (بناية مكونة من 5 طوابق)، قد تم إنشاؤه بمعايير هندسية عالية، من خلال الاستعانة بالبحث على شبكة الإنترنت الذي استغرق مدة ثلاث سنوات، إلى جانب الزيارات المتكررة لعدد من الجسور المعلقة. وأضاف أن أطوال الأسلاك المكونة للجسر يبلغ طولها 1 كيلو متر وذلك لضمان صلابة وتماسك الجسر تفاديا لحصول أي إصابات، كما بلغ عدد المشابك المستخدمة أكثر من 500 مشبك.
وأوضح الزيدي أن المشروع تم إنشاؤه بجهود ذاتية، حيث كان هو يشرف عليه مع مساندة أفراد عائلته له وذلك بحكم الحجر المنزلي الذي يخضعون له بسبب أزمة كورونا. وأكد أنه تم الاستعانة بالعمالة الوافدة في بداية المشروع لعمل الخرسانات الاسمنتية فقط.
وحول الوقت المستغرق لإنجاز المشروع أشار الزيدي أن العمل في بناء القواعد استغرق شهر حيث كانوا يعملون عليها في عطلة نهاية الأسبوع. وأوضح أنه مع بداية الحجر المنزلي نتيجة تفشي فيروس كورونا وجدوا امامهم متسع من الوقت لإنجاز الأعمال الأخرى التي استطاعوا أن ينجزوها في ثلاثة أسابيع حيث كانوا يبدأون العمل من الساعة السادسة صباحا حتى الثانية عشر ظهرا، ومن الساعة الرابعة عصرا حتى الثامنة ليلا.
وحول تحديات العمل أشار الزيدي إلى أن َالمواد المستخدمة في إنشاء الجسر كانت من أكبر تحديات المشروع، حيث أن البحث عن المواد المناسبة استغرق وقت طويل جدا، موضحا أنه تم مراعاة استخدام الحديد الصلب المقاوم للصدى ( ss304) في المشابك المستخدمة، كما أن الأسلاك المستخدمة كانت من نوع الحديد المجلفن 6×36 iwrc، وهو أكثر أنواع الحديد مقاومة للصدأ، كما يعد أحد طرق التحايل على هذه الظاهرة، وهي أحد أكثر التدابير الوقاية التي يتبعها المهندسون، على اعتبار أن الصدأ يعد من أخطر العوامل التي تهدد سلامة البناء وتعرضه للانهيار. وأوضح الزيدي أن قدرة تحمل الجسر تبلغ ٣٥ طن، مؤكدا أن الأسلاك تنقطع عند بلوغ الوزن ١١٠ طن، وأوضح أن تكلفة المشروع وصلت إلى 2000 ريال عماني.
وأكد الزيدي أن إنشاء الجسر الأول بهذه المسافة لم يكن إلا لكسب الخبرة اللازمة لإنشاء جسر أكبر وأكثر صلابة. ويطمح الزيدي إلى إنشاء جسر معلق آخر لنفس المسار الجبلي وتحويله إلى مزار سياحي يقصده السياح من داخل وخارج السلطنة.
واختتم الزيدي حديثه بدعوة الجميع إلى ضرورة كسب الخبرة اللازمة قبل البدء في أي مشروع أو عمل ما، وذلك تفاديا لأي أخطاء أو خسائر قد تكلفك الكثير.