الصحوة – أحمد بن إبراهيم النقبي
عجباً لمن فقد الأخلاق كيف يتجرأ على سيدها ومنبعها وعظيم صاحبها والأعجب من ذلك هم من نهل من تلك الأخلاق العظيمة وتسمى باسم تلك الرسالة التي بُعث بها سيد الأخلاق والأنام ولا ينبس ببنت شفة استنكاراً لذلك التعدي الصارخ والإساءة التي جاهر بها ذلك الأفاك الأثيم.
نعلم علم اليقين بأن سفاهة السفيه تلك لن تنال من عظيم الأمة وسيدها وحبيبها ولن تمس شعرة منه صلوات ربي وسلامه عليه إلا أنها ستمس أمته التي تبتلى في دينها وعقيدتها وفي حبها وإجلالها لرسولها فمن لم يستنكر ولم يَتَمَعّر وجهه من تلك السخرية فواللة أنه لفي خطر عظيم وخسران مبين إن لم يراجع نفسه.
موقف الشعوب الإسلامية من هذا التجاوز يجب أن يكون صارماً،مقاطعة المنتجات وكذلك السياحة وكل ماله علاقة بفرنسا وغيرها ممن لا يراعي لنا حرمة ولا ذمة.
وعلى الحكومات إن كانت تقر بالإسلام ديناً وبمحمد نبياً ورسولاً أن تبدي موقفاً أشد وعبر القنوات السياسية ابتداء من استدعاء السفراء الفرنسيين وتوبيخهم بل إعادة النظر في العلاقة مع بلادهم ليعلموا بأن للأمة مقدسات وخطوط حمراء لا ينبغي التساهل بشأنها.
فلا عيش لنا بكرامة ونحن نرى ونسمع من يهزأ بنبينا أشرف الخلق وأعظمهم فالموت بنا أولى من العيش بذل ومهانة.
قال المتنبي:
لا اِفتِخارٌ إِلّا لِمَن لا يُضامُ
مُدرِكٍ أَو مُحارِبٍ لا يَنامُ
…
ذَلَّ مَن يَغبِطُ اَلذَّلِيل بِعَيشٍ
رُبَّ عَيشٍ أَخَفّ مِنهُ اَلْحَمَام
…
مَن يَهُن يَسهُلِ الهَوانُ عَلَيهِ
ما لِجُرحٍ بِمَيِّت إيلامُ
*الأبيات منتقاة بتصرف من نفس القصيدة وليست بنفس الترتيب.
زعموا زوراً وبهتاناً بأنها حرية التعبير وكذبوا في ذلك فالحرية ليست بالمساس بالمقدسات والسماح بالسخرية من الأنبياء والرسل وإهانة الشعوب في قدواتها ومقدساتها فما ذلك إلا دعوة للكراهية وتعبيراً عن عنصرية مقيتة وتشدداً بغيضاً ليس من الحرية في شيء ينم عن اعوجاج أصحابها والمدافعون عنها يستوجب التقويم.
لا ينبغي أن تنطلي علينا حجج التستر خلف دعوى الحرية وحرية التعبير ومعاييرها المزدوجة فما هي إلا قناع زائف يختبئ ورائه الحاقدون العنصريون المتطرفون فهم من يشعل فتيل الإرهاب، فإجرامهم بحق الشعوب التي مارسوا معها شتى أنواع التنكيل والقتل والتعذيب ونهب الثروات شاهد على أخلاقهم وقيمهم النتنة.
مما يثير في النفس الحزن الممزوج بالغضب والاستنكار هو ردود أفعال البعض ممن ينتمون للإسلام والعروبة وهم يجادلون في اتخاذ الشعوب لقرار المقاطعة وهو أقل ما يمكن أن تفعله الشعوب بل والمصيبة الأعظم بأنهم يطالبون بمقاطعة أمة ترفع راية الإسلام ويبررون ذلك بمحاربة ما يسمونه الإسلام السياسي ولا يتعظون بالتاريخ الذي تم فيه استغلالهم واستمالتهم والتغرير بهم لكي يسقطون مهابة الأمة ويتآمرون على مركز قوتها ووحدتها ليتم تفكيكها لتذهب ريحها ومن ثم تقسيمهم لدويلات يسهل استغلالها وتسييرها وفق أهوائهم.
هؤلاء هم أنفسهم نجدهم يسارعون بالنصرة للصهيوسياسية وللصليبية السياسية بالدعم والتعاون؟
مظاهر المقاطعة والإعلان عنها رد فعل طبيعي لا يوفق الله له إلا من يغار على رسوله وهذا فضل من الله يؤتيه من يشاء ويصرفه عن من يشاء.
هذه الدول وأمثال أولئك الساسة الشاذين يجب أن تصلها رسائل غضبنا وغضب شعوب خير أمة على تجرأهم وتجاوزاتهم وقبح أقوالهم وأفعالهم واستخفافهم.
معتذرين لربنا ورسولنا الذي نفديه بأنفسنا وأرواحنا وأموالنا فهذا عهد الله الذي تعاهدنا عليه.
اللهم اجعلنا ممن يغضب ويغار على دينه ورسوله ومقدساته فهذا أضعف الإيمان.
ماذا بقي لدينا من إيمان ونخوة إن رأينا وسمعنا احتقار واستخفاف هؤلاء العنصريين الكفرة دون أن تتحرك فينا مشاعر الغضب والاستنكار؟
ماذا سنقول لربنا حين لقائه وبماذا سنجيب رسولنا صلوات ربي وسلامه عليه عند الحوض؟