الصحوة – د. حمد بن ناصر السناوي
يقول أحد الزملاء: “أصيب أحد أبنائي بالكورونا وأصبت أنا بالقلق”، قالت أخته وهي تراقبه يغلق باب غرفة الحجر: “يوم يفر المرء من أخيه “، رغم أن الاعراض كانت بسيطة كانت الأفكار تتزاحم في رأسي، ماذا لو ساءت حالته الصحية ونحن نيام؟ ماذا لو استدعى الأمر أن يكون في عناية المستشفى، أو في غرفة العناية المركزة؟ كنت أحاول ابعاد هذه الأفكار من رأسي وأنا أتصل به من الغرفة المجاورة لأطمئن عليه.
يخبرنا علم النفس أن الإيجابية تشمل بعض السمات الشخصية مثل التفاؤل والثقة بالنفس والأمل والرضا عن الحياة، وهي من سمات الأشخاص الناجحين بشكل عام، كما ظهر في الأونة الأخيرة فرع جديد في علم النفس يُعرف بعلم النفس الإيجابي الذي يهدف لدراسة وتنمية الشخصية الإنسانية والبحث عن كلّ ما يساعد الفرد على التكيف والتعامل مع الأزمات بطريقة أفضل، وقد أظهرت الدراسات العلمية أن التفكير الإيجابي يجعل الفرد يتمتع بصحة نفسية جيده ويمكن أن يقي من بعض الأمراض النفسية مثل القلق والاكتئاب، كما أن الشخص الإيجابي عادة ما يكون أكثر قدرة على الإبداع والتفوق في مجال العمل والتعامل مع الضغوطات اليومية، كما أظهرت دراسات أخرى أن الأشخاص الإيجابيين أكثر قدرة على التعامل مع المشاكل الزوجية وحلها دون اللجوء للطلاق.
كما أشارت دراسة بحثية أن الأشخاص الإيجابيين يتمتعون بصحة جيدة لأن التفكير الإيجابي يقوي المناعة وبالتالي يقي من الإصابة ببعض الأمراض.
أحيانا يخلط الناس بين الإيجابية والتفاؤل الذي يمكن تعريفه بالاعتقاد بأن كل شيء سيكون على ما يرام او باللهجة المحلية “الأمور طيبة “، رغم أن هناك فروقات عديدة بين الكلمتين، فالإيجابية قرار شخصي أو موقف يختاره الفرد في التعامل مع موضوع ما، بينما التفاؤل من السمات الشخصية التي تشمل نظرة الفرد الى العالم الخارجي.
المتفائل يضع نظرية بأن كل شيء على ما يرام بينما يركز الشخص الإيجابي على طريقة تعامله مع كل موقع على حدة وقدرته على التعامل مع ذلك الموقف، مثال على ذلك أن الموظف المتفائل قد يهمل التقارير السلبية ويتجاهلها ويرفض العقبات بينما يقوم الموظف الإيجابي بدراسة العقبات والتعرف على الطريقة الأنسب في التعامل معها.
كتاب “السر” للكاتبة روندا بايرن من أكثر الكتب مبيعا في عام ٢٠٠٦، ويروّج لفكرة أن الأشياء المتشابهة تتجاذب، فحينما تملأ عقلك بأفكار سلبية لن تجذب سوى أشياء سلبية، وحينما تكون إيجابيا في أفكارك، فإنك تجذب أشياء موجبة تمتلئ بالخير في مضمونها، أي ان النجاح يتحقق بمجرد ايمان الشخص وطريقة تفكيره بالإيجابية دون الاعتماد على الأسباب، هذا الطرح أثار الكثير من الانتقادات فالبعض اعتبره دعوة الى الاعتماد على الاماني والاحلام دون الأخذ بالأسباب، بينما اعتبره البعض الاخر مروّجا للعديد من العقائد الشرقية والفلسفات الوثنية، الخلاصة أن التفاؤل المنطقي لا ضرر منه بينما التفاؤل المطلق يمكن أن يكون مثل المخدر الي يمني به الفرد نفسه بالأماني الى ان يصطدم بالواقع المؤلم .