الصحوة – الدكتور سالم بن سلمان الشكيلي
اليوم التاسع عشر من نوفمبر، يبدأ عام جديد من أعوام نهضتنا المتجددة، ينتظرنا عملٌ دؤوبٌ مشوبٌ بالكثير من التحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، داخلياً وخارجياً
وتظل التحديات الاقتصادية أكثرها حدةً وصعوبة بشكل يفوق التوقع والوصف، فهناك ركود اقتصادي على مستوى العالم، سببه الأول، الانخفاض الحاد لأسعار النفط الخام، وهو انخفاض مفتعل، بسبب السياسات الصبيانية، التي تعتمد كيد النساء في ردات أفعالها، ولعدم التزام الدول الأعضاء في منظمة أوبك بسياسات الإنتاج المتفق عليها، ناهيك عن وجود جماعات خارجة عن القانون في مناطق شتى من العالم تبيع برميل النفط بنصف قيمة السوق، ولأننا دولة تعتمد في إيراداتها على النفط كما هو حال دول أخرى كثيرة ، فقد أثّر هذا الانخفاض على إيرادات السلطنة من النفط تأثيراً مباشراً وبقوة، وهو ما يعني أنه ألقى بظلاله الكئيبة على السياسات والإجراءات المالية للسلطنة، كما أنه لا يخفى على أحد وجود دَين عام على الدولة مرتفع، يكاد يفوق حجم إمكانياتها المالية، مع الوضع في الاعتبار، ارتفاع حاصل خدمة الدَّين العام، ولذلك فإن الحكومة مجبرة على اتخاذ إجراءات وتدابير مالية قد تنال معائش الافراد، وهي إجراءات كما يقول رجال الاقتصاد ضرورية ولازمة لإعادة التوازن المالي، ومن هنا فإنّ تفهم المجتمع لهذه الإجراءات أمر مهم، حتى وإن كانت صعبة، فالمرض في بعض الأحيان يتطلب إجراء عملية شاقة لعلاج المريض .
أما السبب الثاني، فهو نزول جائحة فيروس كورونا على العالم أجمع، وتغوّلها وتوغلها، جعلت الأنظمة السياسية والصحية في أنحاء العالم، تخرّ وتئن من هولها، وقد ألقت الجائحة بتبعاتها على حياة الناس كلها.
ولقد قامت الحكومة الرشيدة، وحفاظاً على حياة المواطنين باتخاذ عدد من التدابير والإجراءات الاحترازية، مثل وقف الأنشطة الاقتصادية الفردية والجماعية، والإغلاق المحدود، والتام أحياناً، الأمر الذي أثر على أرزاق الناس بشكل خاص، وعلى الحركة الاقتصادية بشكل عام، هذا جانب ، ومن جانب آخر، فإنّ الجائحة فرضت على الدولة نفقات طائلة تتعلق بالرعاية الصحية للمصابين بالمرض، والذين بلغ عددهم حتى كتابة هذا المقال ١١٩٤٤٢ مصاباً ، فيما عدد الوفيات تجاوز الألف وفاة، ولا تزال الأعداد في ازدياد مستمر، وبعض الأنشطة الاقتصادية متوقفة بالمطلق، وهذه التدابير الاحترازية اتخذت من أجل سلامة وحياة المواطن، فهي أغلى واهم من أي شيء آخر.
أما التحديات السياسية، فتتمثل في ما يدور حولنا من صراعات ومنازعات، وموقفنا الثابت وهو النأي بالنفس، والالتزام بالحياد الإيجابي، والذي يسبب صداعاً لأولئك اللاهثين لخلق الأزمات، وتصدير الصراعات، في كل مكان، هذا غير الهرولة المستعرة للطبيع مع الكيان الإسرائيلي، كما فعل البعض ، فيما يظل الموقف العماني ثابتاً يرفض التطبيع مع إسرائيل مهما كانت الضغوطات من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها.
وفيما يتعلق بالتحديات الاجتماعية، يظل البقاء على نفس الالتزام حول إجراءات السلامة والوقاية للحد من انتشار العدوى بفيروس كورونا، هاجس يؤرق الدولة، وينهك مؤسساتها، فالمطلوب هوالصبر والتعاون مع سلطات الدولة حتى تزول هذه الجائحة إن شاءالله.
عمان ستبقى على شموخها وصمودها وبأس وشدة أهلها، ودائماً ما يتعاملون مع المحن والشدائد بالحكمة المعهودة لديهم وبالتعاون والتكافل الاجتماعي، ولن تهزمهم صروف الزمان ، ذلك أنّ الإرادة والعزم سلوكاً يتوارثونه أباً عن جد، وعلى ذلك سيظلون موحدين مؤتلفة قلوبهم حول حبّ عمان وترابها، ملتفّين حول قائدهم وسلطانهم وولي أمرهم جلالة السلطان الهيثم المعظم حفظه الله، رافعين شعار لا شقاق ولا فتن، ولا تخاذل ولا كسل، مؤمنين بأن بعد العسر يسراً، وأنّ لكل ليل نهاية، ولا بدّ أن يعقبه انبلاج نور الفجر، المفعم بالأمل.
ومسك الختام لهذه السلسلة من المقالات الخمسين، بمناسبة مرور خمسين عاماً على نهضتنا المباركة ، وتواصل سلسلتها والتحامها بالنهضة المتجددة، حاولت جاهداً، إيفاء قدر وعظم المناسبة، وإن كان ذلك مستحيلاً، لأن المناسبة أعظم وأفخم، وأرجو أنني كنت حسن ظن القاريء الكريم ، فكل الشكر والثناء والتقدير والاحترام للجميع على متابعتهم وتعليقاتهم الرائعة كروعة ونقاء قلوبهم، قدمت مادة موضوعية وطرحت في بعضها بعض المرئيات، فإن حالفني الحظ فيما قدمت فذلك توفيق من الله، وإن اخطأت فذلك قصور وغفلة مني، واللهَ نسأله العفو والتوفيق .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته