الصحوة – د.حمد بن ناصر السناويّ
يقال في اللهجة العمانية “فلان شخصية” وذلك للثناء على مظهره أو هيئته إلا أن علماء النفس يعتبرون هذه الجملة غير مكتملة وتحتاج إلى صفة، كأن نقول “فلان شخصية قيادية”، أو “غامضة” أو “عدوانية”، وغيرها من الصفات المختلفة.
وحسب معجم مصطلحات الطب النفسي تعرف الشخصية بأنها “مجموع الخصائص الذاتية المميزة للفرد تضم الصفات أو السمات والنزعات السلوكية والانفعالية للشخص في حياته اليومية في الأحوال المعتادة بصورة مستقرة ومتوقعة”. فالشخصية تُحدد هوية الفرد وتميزه عن غيره و أحيانا تساعدنا في التنبؤ بما سيفعله عندما يواجه موقف معين.
يخبرنا علم النفس أن تكوين الشخصية يتأثر بعوامل عديدة تتشابك فيما بينها، أهم هذه العوامل: الوِراثة و يقصد بها: الاستعداد الوراثي لاكتساب الفرد بعض الصفات من والديه مثل: روح المرح، والدعاة، أو الجدية ، ويختلف نمط الوراثة عن ذلك الوارد في وراثة الصفات الجسدية وبعض الأمراض. يأتي في المرتبة الثانية دور الأسرة وأسلوب التربية، إذ تؤثّر الأسرة تأثيرًا كبيرًا في النّموّ النّفسيّ للطفل في المراحل الأولى من عمره، فيكتسب خبراته، ومهاراته، وسلوكه من والديه بطرائق مباشرة وغيرمباشرة، فالأشخاص الذين يتحدثون بصوت عالي مثلًا نجدهم قد اكتسبوا ذلك السلوك من أحد الأبوين، كما أن الطفلة التي تشاهد والدتها تتعامل بقسوة وتكبر تجاه عاملة المنزل مثلًا تصبح أكثر ميلا نحو تبني هذا السلوك، ويعتبر استقرار الأسرة مهما في تكوين شخصيّة الطّفل، فكلّما كانت الأسرة أكثر استقرارًا زادت ثقت الطفل بنفسه، كما أنّ لأسلوب الوالدين في التّربية أهميّة كبيرة في تكوين شخصيّة الفرد.
كما تؤثر العوامل البيولوجية في تكون شخصية الفرد حيث تشير الدّراسات الطبّيّة أنّ الدّماغ يحتوي العديد من المراكز التي تُدير العمليّات العقليّة والنّفسيّة، مثل: الإدراك، والسّلوك، والتّفكير، والمشاعر، ممّا يُؤثّر في تشكيل الشّخصيّة، لذا نجد أن بعض الذين يتعرضون لإصابات الدماغ كما في حوادث السير يعانون من تغير في الشخصية .
كما تسهم العوامل الاجتماعيّة في تكوين الشخصية فالعادات والتّقاليد، والقيم السائدة في المجتمع، فالمجتمع الذي تسود فيه مبادئ احترام كبار السن، وتقديرهم والمساواة، والعدالة الاجتماعية بين الأفراد نجد أن الأفراد يتشربون هذه الخصال.
وفيما يلي أمثلة لأنواع الشخصيات :
- الشّخصيّة الانطوائيّة: يفضّل صاحب هذه الشّخصيّة العزلة ويتجنب كثرة العلاقات مع الاخرين فتجد أن عدد أصدقائة لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة و قد ينجح صاحب هذه الشخصية بشكل خاص في مجالات الحياة التي تحتاج الهدوء .
- الشّخصيّة القهريّة: عادة ما يكون صاحب هذه الشخصية مُتحفّظاً وقليل التّعبير عن مشاعره فيبدو متكبّرٌا ومغرورٌا، وهو شخصٌ يُحبّ الالتزام، ويكره الفوضى، ويُحبّ العمل ويجتهد فيه، شخصٌ صريحٌ جداً، لا يُجيد التملق أوالمُجاملة، ويقول علماء النّفس: إنّ هذا الشّخص قلِقٌ ومتوتّرٌ، ويمكن أن يُعاني من بعض الأمراض، مثل: الصّداع النّصفيّ، والقولون العصبيّ، وآلام المعدة.
- ● الشّخصيّة السيكوباتيّة: يكون هذا الشّخص تابعًا لشهواته وأطماعه، وقد يبدو سَمْحَ الوجه من الخارج لكنّه يفتقر إلى المشاعر والأحاسيس داخليّاً؛ فهو لا يتنازل ولا يضحّي من أجل أحد، يتّصف بالكذب ، والسّرقة، والعنف، والتهور ويقول علماء النّفس: إنّ هذا الشّخص هو التّجسيد الحيّ لكلّ المعاني الرّذيلة والسّيّئة.
- الشّخصيّة الاضطهاديّة: هذا الشّخص عنده شعورٌ دائمٌ بالاضطهاد والظلم ، فهو يشكّ في الجميع ويتوقّع الأذى منهم، ويُمكن أن يتحوّل إلى شخصٍ عدوانيّ، ينتقِد الآخرين بشكلٍ جارحٍ، ولا يُراعي مشاعرهم، ولا يتقبّل النّقد أو النُّصح من أحد، قليل الأصدقاء، وسيِّئ الظّن، وكثير الغيرة؛ لذلك يجب التّعامل معه بهدوءٍ وحذر؛ لأنّه لا يتردّد في إيذاء مَن يُعارضه.
- الشّخصيّة الهستيريّة: صاحبها أنانيّ و بخيل، يُحبّ الاستيلاء على كلّ شيء، يغضب لأسبابٍ تافهةٍ، مزاجه حادٌّ ومُتقلِّبٌ، يبالغ في إظهار عواطفه ويسعى لجذب إنتباه من حوله ويصاب بالملل سريعًا، فتجده يميل إلى التعرف على الكثير من الأشخاص .
- الشّخصيّة النّرجسيّة: يتسم صاحبها بالكبر والغرور والانتهازية، صداقاته نادرةٌ، يُمكن أن يتعرض للاكتئاب إذا تعرض للفشل.
- ● الشّخصيّة شبه الفصاميّة: شخصيّة قريبةٌ من مرض الفصام، لكنّ أعراضها أقل شدةً، ويتّصف صاحب هذه الشّخصيّة بأنّه: شخصٌ غريبٌ، يتفاءل ويتشاءم من أشياء غريبةٍ، دائم الشّعور بأنّ الآخرين يُراقبونه، غامضٌ وسيِّئ الظّن، وعلاقاته بالآخرين ضيّقةً، يخاف المواجهة التي تُعرِّضه للنّقد والمُحاسَبة.
بقي أن نقول أن هذه الشخصيات توجد في الأفراد بدراجات متفاوتة وقد لا تتعارض مع أدائهم الاسري و المهني الا أن البعض من ما يعرف بأضطراب في الشخصية وهو مرض نفسي يحتاج ألى التشخيص والعلاج.