الصحوة – الدكتور حمد بن ناصر السناوي
يقول أحد الزملاء: رأيت في المنام أنني أقوم بالمرور على مرضى في جناح غير القسم الذي أعمل فيه مع فريق من الأطباء لم أقابلهم سابقا، و قبيل نهاية المرور دخلنا إلى غرفة بها أطفال رضع ومعي اثنان من الأطباء المتدربين أخبرني أحدهم بأن الأطفال ظهرت عليهم أعراض مرض الزهايمر، فقلت مستغربا: “كيف تشخصون الزهايمر في هذا العمر؟ وعندما فتحت ملف إحدى الأمهات رأيت تقارير مكتوبة خط يدي وتذكرت إنها كانت إحدى مريضاتي، فسألتها إذا كان الحمل حدث وهي تتناول الأدوية التي وصفتها لها قالت:” إنها أوقفت الأدوية قبل الحمل بفترة طويلة”. يقول الزميل: “استيقظت متسائلا عن هذا الحلم الغريب وماذا يعني؟ ولماذا الآن بالذات؟
حازت الأحلام على اهتمام واسع بين العلماء والباحثين وعامة الناس، وانتشرت النظريات والمؤلفات التي تتسابق في تفسير تلك الأحلام وربطها بماضي الفرد أو مستقبله، وتشير المخطوطات أن الناس في العصور القديمة اتبعوا طريقتين في تفسير الأحلام، طريقة التفسير الرمزي مثل: تفسير حلم سيدنا يوسف ودلالته التنبؤية، بينما الطريقة الأخرى اعتبرت الحلم عبارة عن كتابة سرية تحتاج إلى شفرات خاصة لتفسيرها. وقد تسابق العرب القدامى من الكتابة عن تفسير الأحلام ولا تزال بعض تلك الكتابات تستهوي على اهتمام القارئ في عصرنا هذا، كما انتشرت القنوات التليفزيونية التي يقوم العاملون فيها بتفسير أحلام المتصلين عن الهواء مباشرة مقابل مبلغ من المال.
ومن أشهر الأطباء النفسيين الذين اهتموا بدراسة الأحلام وتحليلها واستخدام ذلك التحليل في علاج بعض الأمراض النفسية، الطبيب النفسي النمساوي سيجموند فرويد والذي اعتبر الأحلام بمثابة بوابة إلى العقل اللاواعي حيث يخزن الإنسان الرغبات المكبوتة منذ الصغر لتظهر على شكل أحلام، واعتبر فرويد أن الهدف الأساسي للأحلام هو تلبية الرغبات اللاعقلانية المكبوتة، كان فرويد ينصح مرضاه أن يقوموا بكتابة تلك الأحلام وعرضها عليه خلال جلسات التحليل النفسي. ورغم أن هذه النظريات لا تزال مثيرة للجدل إلا أنها مهدت الطريق للعديد من النظريات التي تلتها.
تشير الدراسات العلمية الحديثة أن الإنسان يحلم خلال نومه أكثر من مره لكن معظمنا لا يتذكر تلك الأحلام وتتأثر الأحلام بالحالة النفسية للفرد، فعندما تفكر في شيئا ما أو شخصا ما فعادة ما يظهر لك في الحلم، كما أن الطالب عادة ما يحلم بالمدرسة والامتحانات، بينما يعاني مريض الاكتئاب من الكوابيس والأحلام المزعجة التي تعكس حالته النفسية كما أن بعض أدوية الاكتئاب تسبب الكوابيس أيضا.
والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا نحلم؟ وهل للأحلام وظيفة معينه؟
تشير الأبحاث أن للأحلام وظائف عديدة تشمل تحويل وحفظ الأحداث اليومية في الدماغ من الذاكرة قصيرة المدى إلى الذاكرة طويلة المدى لحين استرجاعها؛ لذلك ينصح الطالب الذي يذاكر للامتحان بأن يتجنب السهر لأنه يقلل من قدرته على حفظ المعلومات، كما أن الأفراد الذين لا يحلمون بسب مرض ما أو بتأثير بعض الأدوية يجدون مع مرور الوقت صعوبة في الذاكرة والوظائف الإدراكية الأخرى.
كما تسهم الأحلام في مساعدة الفرد من التخلص من بعض الصراعات النفسية والصدمات التي يواجهها
وقد قام علم النفس الحديث باستحداث نوع من العلاجات؛ للتخفيف من آثار الصدمات النفسية يحاكي
حركة العين وسرعتها أثناء فترة الأحلام. ويعتبر بعض العلماء الأحلام بمثابة صيانة دورية للخلايا العصبية
في دماغ الإنسان يتم خلالها اصلاح ما تلف منها والتخلص من بعض الخلايا وتعميق التواصل بين الخلايا من مختلف أجزاء الدماغ.