الصحوة- أثير الندابية:
“حارة العقر” بولاية نزوى حاضر يحكي الماضي وتحفة معمارية تروي قصة عاشها الإنسان العماني عبر الأزمنة المختلفة، فقد ارتبطت قديمًا بالحكم والعلم، حيث تبعد عن “قلعة نزوى” و “سوق نزوى” بحوالي 600 متر. وبين أروقة هذه الحارة افتتح سليمان السليماني نزل “بستان العقر” وهو بستان يحوي بيوتًا قديمة تعود إلى عام 1979م لبعض أعيان البلد وشيوخها، أعاد السليماني ترميمها بطابع تراثي قديم لتصبح شاهدًا على ما أنجزه الأجداد قديمًا، وضمن فيه الكثير من المقتنيات التراثية لتكون بمثابة نموذج تعريفي وثقافي، ويقع نزل “بستان العقر” بالقرب من “صباح باب أبي المؤثر” وهو بوابة قديمة على “سور العقر” والذي يعود تاريخه إلى أكثر من 1100 سنة.
- في البدء حدثنا عن طبيعة المكان وسبب اختيارك للموقع؟
المكان عبارة عن بستان به أشجار وفلج وبيوت قديمة كانت لبعض أعيان البلد وشيوخها ويقع بالقرب من “صباح باب أبي المؤثر” ويوجد ممر في “سور العقر” يطل على البستان. أخذت هذا المكان من أصحابه بنظام الاستثمار الطويل وأعدت ترميمه وحولته من مكان يستغله العمالة الوافدة بشكل سيء إلى نزل سياحي بطابع تراثي قديم لكن بطريقة مطورة، فكل شيء فيه من إنارة وجلسات وأثاث طابعه تقليدي، واستخدمت أيضا منتجات النخلة، وضمنت فيه العديد من المقتنيات الأثرية للإنسان العماني مع وجود شرح تعريفي لها. اخترت هذا المكان بسبب قربه من مزارات سياحية عديدة مثل “قلعة نزوى” و “سوق نزوى” و “سور العقر” والتي يمكن زيارتها مشيًا على الأقدام من النزل، كذلك كون “حارة العقر” من أهم الحارات في السلطنة التي يقصدها السياح كثيرًا.
- كم المدة الزمنية التي استغرقها العمل، وكم بلغت تكلفة المشروع؟
استغرق العمل 11 شهرًا تقريبًا بدءًا من يناير 2020 والآن افتتحنا افتتاحًا تجريبيًا لتقييم التجربة، وسنبدأ في استقبال النزلاء من نهاية ديسمبر 2020. غالبًا مشاريع الترميم تكون مكلفة أكثر من مشاريع البناء، فقد بلغت تكلفة المشروع 180 ألفًا تقريبًا.
- ما الخدمات والمرافق المتوفرة في نزل “بستان العقر”؟
النزل عبارة عن 18 غرفة في كل غرفة توجد دورة مياه خاصة، ويوجد حوض سباحة بطابع تقليدي للزينة وكذلك يمكن للنزلاء والزائرين السباحة فيه لكن في أوقات معينة حفاظًا على خصوصية باقي النزلاء، وتوجد به ثلاث جلسات: جلسة مطلة على الفلج، وجلسة مطلة على الحوض، وجلسة مفتوحة. كذلك تتوفر في النزل مواقف للسيارات خاصة للنزلاء والزائرين. ونوفر في النزل خدمة الفطور المجاني، وخدمة حمل الحقائب من وإلى السيارة، كذلك نوفر خدمة نقل من وإلى المطار والمزارات السياحية بالنسبة للسياح من خارج السلطنة. ونوفر جولة سياحية في “حارة العقر” بواسطة السيارات الكلاسيكية وهي خدمة مقابل مبلغ مالي، لمن يرغب. أما بالنسبة لطاقم العمل فلدينا طاقم عماني للاستقبال والإرشاد، وطاقم من العمالة الوافدة للتنظيف.
- ما الإجراءات الاحترازية التي تتبعونها في النزل خلال جائحة كورونا؟
الالتزام بلبس الكمامات، وتوفير المعقمات في مختلف المرافق، كذلك خصوصية الدخول للغرف تمنع الاختلاط فالعديد من الغرف لها مداخل خاصة بها، كما نقوم بتعقيم دوري للغرف والمرافق.
- هل واجهتك تحديات أثناء تنفيذ العمل، ما هي؟
أكيد، كل مشروع لابد أن يمر بتحديات خاصة خلال جائحة كورونا، ففي فترة الحجر المنزلي وإغلاق المحلات تعطل العمل وتأخرنا عن خطة التنفيذ بسبب عدم توفر المواد اللازمة لتكملة تنفيذ العمل، كذلك لم نكن قادرين على تشغيل عمالة كبيرة منعًا للاختلاط، وفي حالة ظهور أعراض مرضية على أحد العمال كنت أوقف العمل. كذلك واجهت تحدي من حيث العامل النفسي التخوف من المستقبل، لكن قرار إلغاء الفيزا عن الكثير من الدول منحنا بعض الأمل. أيضًا من ناحية التكلفة المشروع مكلف جدًا، لكن استفدت من خبرتي في الإشراف على مشروع تأسيس “نزل نزوى” في التغلب على هذا التحدي.
- ما الشيء الذي سيضيفه نزل “بستان العقر” بالنسبة لصناعة السياحة؟
مشاريع النزل التراثية واعدة في صناعة السياحة، فالسياح يفضلون السكن في مكان قريب من المزارات السياحية، كذلك يقدم لهم تجربة جديدة وفريدة خاصة بالنسبة للسياح الأجانب، وهي أيضًا فرصة للعمانيين الذين لم يسبق لهم السكن في بيوت قديمة، فمن رأيي السكن في نزل سياحي يقع بداخل مزار سياحي وأعني هنا “حارة العقر” هو بمثابة السكن في متحف. كذلك مشاريع النزل تجلب أعمالًا أخرى فمثلًا في “حارة العقر” افتتح مطعم وكذلك مشروع الجولات بالسيارات الكلاسيكية، وقريبا سيتم إنشاء متحف ومقاهي.
- ما التجارب السياحية التي ستقدمونها في نزل “بستان العقر” بحيث تعطي للسائح الأجنبي تجربة العيش في جو عماني تقليدي؟
سنقوم باستغلال المواهب مثل الرسم ونبيع لوحات مرسومة للسياح، كذلك في حالة وجود عدد كبير من الزوار أو النزلاء أو في حالة زيارة أحد الشخصيات المهمة سنقدم لهم فنونًا شعبية، وبالنسبة للنساء سنقدم لهن تجربة الحنا بالاستعانة بخبيرات في الحنا. بالإضافة إلى كتاب عن “حارة العقر” والذي سيصدر خلال شهر وسيكون بـ 9 لغات، فقد طبع باللغة العربية والآن قيد الطبع باللغة الإنجليزية وقيد الترجمة للغات الأخرى، وسنوزعه مجانًا على النزلاء ونبيعه على الزوار وعلى المحلات والمزارات السياحية التي تشهد حركة سياحية نشطة ليبيعوها للزوار، وهذا الكتاب يروج لعمان عامة و”حارة العقر” خاصة، وأيضا سيعطي للسائح تجربة تدوم معه حتى بعد انتهاء زيارته.
- ما نصيحتك للشباب العماني في هذا المجال؟
أنصح الشباب بأن يهتموا بالحارات القديمة لأنها بمثابة كنز كلفت أجدادنا جهدًا عظيمًا فخسارة علينا عدم إحيائها، وهي فرصة للشباب من ناحية اقتصادية وتراثية يجب عليهم استغلالها الاستغلال الأمثل مع الحفاظ على طابعها القديم.