الصحوة – الدكتور سالم بن سلمان الشكيلي
ظهرت في الآونة الأخيرة بعض الأصوات، تنادي بإلغاء مجلس عمان بغرفتيه الدولة والشورى، ولا تخفى على كل متابع لتلك النداءات، أن المقصود بها أكثر مجلس الشورى ، والحجج لدى هؤلاء كثيرة، منها، أنه غير ذي صلاحيات فعلية، وأنه دائماً ما يأتي متأخراً في مناقشة القضايا الوطنية التي تمس معائش المواطنين، واستدلّوا على قولهم بالجلسة الأخيرة التي خصصت لمناقشة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة برفع الدعم عن الكهرباء والمياه، فبعد أن يقع الفأس على الرأس، يفتح مجلس الشورى الكرّاس، ويصحو على آهات الناس، ويفيق من سُباته والنعاس.
وفي الحقيقة، أنني تكلمت في عدة مقالات سابقة، عن ضرورة تطوير مجلس الشورى في الجوانب المختلفة، ليقوم بدوره بما يواكب حركة التطور الشاملة في السلطنة، وأجد نفسي مدفوعاً إلى تأكيد ما قلته سابقًا، ومطالباَ بإلحاح بضرورة ذلك التطوير، الذي أصبح ضرورة ولازماً.
وفي اتجاه آخر نادى البعض العديدون بالغاء مجلس الدولة، بحجة ترشيد الإنفاق الحكومي، أسوة بما تمّ اتخاذه بشأن الجهاز الإداري للدولة، الذي تمثل في تقليص الوحدات الادارية ودمج بعضها الآخر اتساقاً مع رؤية عمان ٢٠٤٠.
وللأمانة العلمية، وبسبب خبرتي ومتابعتي المستمرة، فممّا لاشكّ فيه أن لنظام المجلسَين مزايا، كما أن له عيوباً، لعلّ أبرز مزاياه جودة التشريع وقلة الأخطاء، بالاضافة إلى حفظ التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، في حين أنّ عيوب هذا النظام، يتمثل في بطء العملية التشريعية، وزيادة النفقات، ولكن لا يجب أن نغفل في مقابل هذا، إنّ نظام المجلس الواحد له مزايا وعيوباً أيضاً، فمن مزاياه سرعة الدورة التشريعية وقلة النفقات، ولكن يؤخذ عليه احتمالية كثرة الأخطاء في القوانين، إلى جانب أنه قد يمارس الدكتاتورية، خاصة في خضم تضارب المصالح.
ويُعدّ مجلس عمان أحد مكتسبات النهضة المباركة، ولا أظن أنّ غالبية العمانيين لديهم الاستعداد في التفريط بهذا المجلس كاملاً، ولكن يمكن الأخذ بالحل الوسط إذا رأت الإرادة السياسية إمكانية ذلك، واوجزه في الآتي :
☆ إلغاء مجلس الدولة والإبقاء على مجلس الشورى المنتخب من قبل الشعب مع تعديل نظام الانتخاب الحالي .
☆ يضاف إلى الأعضاء المنتخبين في مجلس الشورى كفاءات يتم تعيينها من قبل جلالة السلطان، كأن يكون بواقع نسبة معينة من العدد المنتخب.
☆ مراجعة الصلاحيات الممنوحة للمجلس، سواءً من خلال تعديل النظام الأساسي للدولة، أو صدور اللائحة الداخلية للمجلس بموجب مرسوم سلطاني يدحض حجة تلك الأقوال البعيدة عن أبجديات القانون، والتي تزعم بأن لائحة المجلس غير ملزمة للحكومة، وهو قول خطير يطول شرحه في هذا المقال .
☆ ارتفاع مجلس الشورى بأدائه البرلماني بعيداً عن الصراخ وفتل العضلات، وإنما مناقشة الحجة بالحجة وتجويد عمله .
☆ تفهّم الحكومة لدور واختصاصات المجلس واعتباره شريكاً يعمل من أجل الصالح العام، والمسألة ليس فيها غالب أو مغلوب، لا المجلس ولا الحكومة، بل المنتصر في جميع الأحوال هو المواطن والوطن الذي يتسع للجميع، وعلى الحكومة عرض قراراتها على المجلس قبل تنفيذها، وتلتزم بقرارات المجلس، لأنه قرار الشعب، الذي سيقف بجانب حكومته في السراء والضراء .