الصحوة – الدكتور حمد بن ناصر السناوي
يقول أحد الزملاء “عندما تقدمت لخطبة زوجتي طلب مني أخوها مهلة إضافية للتفكير واستشارة أفراد الأسرة “لأنني طبيب نفسي” ويقول زميل آخر “عندما أخبرت والدي برغبتي في التخصص في الطب النفسي بدت على وجه الدهشة وسألني لماذا لا أختار تخصص أكثر فائدة مثل الجراحة أو الأمراض الباطنية”. هذه الأمثلة وغيرها تدل على أن وصمة العار المرتبطة بالمرض النفسي لا تقتصر على المرضى بل تشمل الأطباء والأختصصاصيين النفسيين أيضا، وكأن إنكار وجود المرض النفسي؛ لذلك الحاجة إلى أطباء نفسيين سيؤدي إلى زوال الأمراض النفسية من حياتنا.
لا يختلف اثنان على أن عام 2020 كان من أكثر الأعوام تحديا للأفراد والحكومات في مختلف أنحاء العالم، فرغم أن الاثار الجسدية لفيروس كورونا اقتصرت على عدد محدد من الأفراد إمتدت الأثار النفسية الناتجة عن التباعد الجسدي والبقاء في المنزل وفقدان مصدر الرزق لتصيب العديد من الأفراد من مختلف الفئات العمرية. ورغم النداءات والتوصيات التي تبنتها منظمة الصحية العالمية للدول بتحسين خدمات الصحة النفسية نجد من يشكك في أهمية تخصص الطب النفسي والحاجة إليه في مُجتمعنا بالتحديد، وإنفتحت سيرة الطب النفسي خاصة بعد حادثة الانتحار التي وقعت أواخر الشهر الماضي إذ تسابقت التغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي وتعددت الآراء بين قائل بأن الطب النفسي دخيل على مُجتمعنا و لا يتناسب مع تعاليم الدين الإسلامي، بينما قام أحد المغردين بالترويج لقدراته ومهاراته في فك السحر، وجلب الحبيب، والعلاج بالطاقة، و الإيحاء، وعلاج الأمراض النفسية الأخرى علما بأنه لم يدرس الطب أو علم والنفس.
تسأل أحد الزملاء عن سبب هذه المشاعر السلبية تجاه العاملين في قطاع الصحة النفسية طارحا بعض الاحتمالات، أولها اعتقاد البعض أن الطبيب النفسي لدية القدرة على تحليل شخصيتك بمجرد الحديث معك حتى ولو كان حديثا عابرا في مكان عام، هذا الاعتقاد يجعل البعض يشعر بعدم الارتياح لشعوره بأنه “تحت المجهر” أو أن الطبيب النفسي سيكتشف أسراره بمجرد النظر إليه، هذا الاعتقاد غير صحيح، فالطبيب النفسي تتركز مهاراته في تشخيص وعلاج المرضى وتقديم الدعم النفسي وليس تحليل من يقابله، فالتحليل النفسي تخصص فرعي في علم النفس يحتاج إلى دراسة وتدريب لسنوات طويلة. الاحتمال الآخر يعود إلى الصورة النمطية التي رسمها الإعلام عبر الأفلام والمسلسلات التي يظهر الطبيب النفسي بصورة كاريكاتورية أو بصورة المدمن على التدخين والكحول وغيرها.
ختاما، تذكر أن صحتك النفسية مهمةضرورية؛ لتشعر بالاستقرار والأمان في حياتك ولتتمكن من الإبداع وتحقيق طموحاتك فلا تفرط فيها و احرص جيدا في اختيار من يقدم لك الاستشارة. .
وفقنا الله جميعا لما فيه الخير والصلاح