الصحوة – ظافر بن عبدالله الحارثي
هذه هي أحد المرات الإستثنائية التي لم اجتهد فيها لأجد عنوان مبتكرًا وملفتاً للمقالة، لأنه بقدر ما أردت أن أبين للقارئ مدى أهمية وجود نظام أساسي للدولة أو دستور وتوجيه الوعي الجمعي وحثه للإطلاع عليه وفهمه فهما دقيقا يصل لمستوى الإدراك، أردت أن نحفظ جميعنا هذا الرقم وما يشكل لنا من إطار لجميع حقوقنا وواجباتنا، فضلا عن تمكينه لنا من فهم شكل الدولة وقيمها ومبادئها، والأساس الذي تستمد باقي القوانين واللوائح والقرارات قوتها منه؛ فالمرسوم السلطاني رقم ٢٠٢١/٦ هو إعلان لتجديد دولة القانون والمؤسسات، لتظل مواكبة وفعالة مع مستوى طموح الشعب.
منذ صدور هذا المرسوم السلطاني والكثير من الأفراد سعوا لقراءة نصوصه، واجتهد بعض المختصصين في إيضاحه، وآخرون دأبوا على تسليط الضوء عليه بل وإبانة أبرز مستحدثاته، وهذا أمرٌ ينم عن استيقاظ المسؤولية لدى الجميع؛ إلا أن ذلك لا يعني تناول موضوع مرسوم رقم ٢٠٢١/٦ لأنه موضوع الساعة وحسب، بل لأنه من أهم مراجع التنظيم في حياتنا الذي سوف يرافقنا للمستقبل، والمرجع الذي يخبر الغير عنا وذلك على اعتبار أن القانون هو مرآة المجتمع، وهذا ما تضمنته دباجة المرسوم.
إن من أهم صفات هذا النظام الجديد هو دقة صياغته، وحرصه على إجابة بعض التساؤلات التي كانت تثار، وإصباغ بعض القواعد العرفية بصبغة قانونية كما ورد في نصوص الباب الأول والباب الثاني، واللذين في المقابل لم يختلفا عن النظام القديم فيما يتعلق بجزئية الهوية العُمانية، وإنتمائها، وثوابتها، والمبادئ التي تقوم عليها؛ إلا أن ذلك لم يمنعها من معاصرة متطلبات المرحلة.
تعد الحقوق والحريات جزء لا يتجزأ من الحياة، والتشريعات الوضعية لاشك بأنها لها مصادرها التي اعتمدت عليها في صياغة هذا الموضوع، وتعد الشريعة الإسلامية هي أولى تلك المصادر، بل أساسها في الدولة؛ لتأكد مسألة عدم مصادرة الحقوق بأنواعها المختلفة (كحق التقاضي، وحق التعبير عن الرأي، وحق ممارسة الشعائر الدينية، وحق المساواة، وحق الحياة الكريمة وحرمتها، وحق الحرية الشخصية، وحق العمل)، وغيرها التي أتت لكي تذكرنا بسلطتنا الإستئثارية التي لا تخرج عن دائرة الأخلاق والقانون من ناحية، وتذكرنا بأهمية أداء الواجبات واحترامها من ناحية أخرى.
إن من وظائف النظام الأساسي تحديد السلطات وبيان مهامها، وتقرير الصلاحيات وضمان حسن استخدامها، وتعريف مؤسسات الدولة المختلفة وماهية أدوارها وكيفية اللجوء لها، وكل ذلك ذكر بشكل صريح ومباشر من بداية الباب الرابع إلى نهاية النظام الأساسي في الباب السابع؛ وفي المقابل وظيفتنا نحن لا تقل أهمية عن ذلك، والتي تتمثل في أن نكون أوصياء امناء في تطبيق هذا النظام، وحراس رُشداء لتطبيقه، ومراقبون شجعان متمسكون على تطبيقه.