الصحوة – روان الشكيلية
خاضت المرأة العمانية ميادين عدة كانت بعضها حكرًا للرجال لفترات طويلة، وأثبتت فيها كفاءتها بشكل ملحوظ، من بينها مجال الرياضة، والذي حققت فيه المرأة العمانية قفزات تاريخية تشهد لها بأنها قادرة على ممارسة الرياضة ورفع اسم سلطنة عُمان في المحافل الدولية المختلفة، ومن هذه الرياضات رياضة كرة القدم التي تطورت بشكل مستمر حتى تبينت لنا ملامحها الواضحة حاليًا، من خلال إقامة أول دوري رسمي تحت مظلة الاتحاد العماني لكرة القدم، والذي يعد من أهم الأحداث التي أوضحت تطور هذه الرياضة.
حضور
يشير الدكتور عبدالرحيم الدروشي دكتور بقسم التربية البدنية وعلوم الرياضة بجامعة السلطان قابوس أن كرة القدم النسائية في نمو مستمر؛ بسبب دعم الاتحاد العماني لكرة القدم في السنوات الأخيرة، والتوجهات الدولية؛ فهناك دعم كبيرمن الفيفا الذي يموّل الاتحاد العماني لكرة القدم بسبب توجهه لرياضة المرأة، تحقيقًا للمساواة للمرأة وتوفير فرص لها مشابهة للرجل في وجود مسابقات رياضية بمختلف الدول؛ لإعطائها الفرصة لممارسة هذه اللعبة شأنها شأن أي مجال آخر في الحياة يستدعي وجودها فيه، كذلك وجود مجتمع فتي ناشئ من الفتيات الراغبات بهذه الرياضة تحديدًا والانخراط فيها مستقبلًا.

وأضاف الدروشي بأن بدايات كرة القدم النسائية في عمان ترجع إلى ما قبل 15 سنة، ببعض المسابقات الداخلية البسيطة، وكان حضورها فيه بسيطًا، ثم تطورت بشكل ملحوظ، وحاليًا تملك الفرصة بشكل كبيرللصعود؛ لأنها تتبع الاتحاد العماني لكرة القدم، ووصلت عدد الفرق المشاركة في الدوري المقام إلى ما يقارب 31 فريقًا وهو عدد كبير يشير لحضور هذه الرياضة، واهتمام الأندية العمانية من خلال إنشاء كل نادي فرق نسائية لكرة القدم.
وأضافت مها جنود مدربة المنتخب العماني للفتيات بأن “كرة القدم النسائية في عمان حديثة الولادة، فهي في خطواتها الأولى، مما يعني وجود قلة في اللاعبات والمدربات اللاتي يزاولن هذه اللعبة، فنحن بحاجة لتوسيع قاعدة المشاركين والداعمين للنهوض بهذه الرياضة للشكل المطلوب”.

تطوير
أكدت وفاء السمري مديرة نادي البشائر إن هناك تطورًا ملحوظًا في كرة القدم النسائية بالسلطنة ويخطو بخطى ثابتة ومتزنة، ففي بدايات ممارسة هذه اللعبة كانت هناك بطولة تقام بجامعة السلطان قابوس سنويًا عدد المشاركات فيها لا تتجاوز الست فرق، واليوم نتحدث عن دوري أنديه يضم أكثر من 100 لاعبة من مختلف الأندية العمانية، كذلك هناك تطور من ناحية تأهيل المدربات، حيث أقام الاتحاد العماني لكرة القدم دورات تدريبية ليكون لدينا اليوم ما يقارب 70 مدربة تحمل رخصة D لتدريب كرة القدم، ولدينا مدربة تعمل حاليًا على الحصول على رخصة B، وهذا لم يكن موجود سابقًا، كذلك خطة تشكيل المنتخب في الفترة القادمة ستمثل نقلة نوعية لهذه الرياضة.

وتذكر أروى البلوشية طالبة بقسم التربية البدنية وعلوم الرياضة رأيها عن تطور رياضة كرة القدم النسائية قائلةً: “منذ التحاقي بقسم التربية البدنية وعلوم الرياضة في عام 2019، لاحظت تطورًا وازدهارًا في مجال الرياضة، مما يزيد فرصنا كطالبات في القسم للمشاركة في الأنشطة والفعاليات الرياضية، من خلال زيادة هذه الأنشطة وتنظيم بطولات رياضية من بينها رياضة كرة القدم، وإنشاء فريق كرة قدم يمكّن الطالبات الموهوبات من الالتحاق به مع توفير تدريب مكثف يؤهلهن للمشاركة في المنافسات خارج قطاع الجامعة.”
من ناحيتها أشارت جنود إن أبرز الخطط التطويرية للنهوض بكرة القدم النسائية هو وضع الاتحاد العماني لكرة القدم الممثل بكرة القدم النسائية القائمة برئاسة المكرمة لجينة بنت محسن حيدر درويش خطة استراتيجية لمدة خمس سنوات تقوم على النهوض بكرة القدم النسائية في جميع الفئات العمرية، وأيضًا في مجال التدريب وتطوير المدربات والحكمات.
وذكرت هاجر المزيني رئيسة قسم التنسيق والمتابعة في مكتب الأمين العام للاتحاد العماني لكرة القدم أنه ينبغي إعطاء الأندية صلاحية وإمكانيات أكبر تمكنها من التوسع بشكل أفضل وأكبر بأنشطتها، مع وجود الدعم المناسب لها والذي سينعكس ايجابًا على زيادة عدد الممارسات لكرة القدم النسائية، فدعم الأندية يعني الارتقاء بهذه الرياضة.

كفاءات
وأشارت السمري أن هناك تفاوتًا واضحًا في مستويات وإمكانيات اللاعبات المشاركات في الدوري الحالي، فهناك أندية هذه مشاركتها الأولى في منافسات كرة القدم، وفي المقابل هناك أندية تمتاز بالخبرة في هذا المجال وشاركت سابقًا في منافسات لكرة قدم الصالات للسيدات، ولا ننكر وجود فرق غير منافسة ولكن مع استمرارية التدريب حققت إنجازات إيجابية.
وأضافت جنود لقد لاحظنا في الدوري الحالي بروز مواهب فردية وكفاءات متنوعة قادرة على الصقل، وفي المقابل هناك فارق في العمر الزمني والعمر التدريبي، مما يدل على عدم القدرة على النهوض بمنتخب وطني قادر على خوض المنافسات الخارجية، وتحقيق ما يرجوه جمهور هذه اللعبة
تحديات
ويضيف الدروشي “إن أكبر تحديات كرة القدم النسائية هو عدم توفر صالات للتدريب، وضمن دراسة أجريتها عام 2017 ثبت أن الوقت المتاح للمرأة في أغلب الصالات العمانية لممارسة مختلف الرياضات هو 5% فقط من الوقت المسخر لممارسة الرياضة للجميع، وهو وقت قصير يمثل عائق أمام تطوير هذه اللعبة؛ وهذا يعود لنظرة الذكور بأن مستوى المرأة ليس تنافسيًا، فالأولى إعطاء الصالة لمنتخب وفريق يشارك في محافل دولية، ورغم تطور الرياضة النسائية حاليًا إلا أنني لا أتوقع تجاوزها لنسبة 10%”.
وهذا ما اتفقت فيه وفاء السمري حيث ذكرت “إن من أبرز التحديات التي يواجها الفريق هو توفر صالات وأماكن تدريب بشكل مستمر، وهو من العائق الأكبر أمام تطور الفرق بجانب عدم توفر الدعم المادي الكبير لهذه الرياضة النسائية، وعدم وجود تفرغ للعبة.
وذكرت البلوشية إن المجتمع العماني تتنوع فيه الثقافات حسب المحافظات والولايات، وهذا ما يخلق صعوبة في إقامة الأندية في بعض المناطق، وذلك يعود أيضاً إلى طبيعة بعض الأسر، فقد تمتلك بعض الفتيات الموهبة الرياضية التي قد تحلق بالمنتخب عالياَ لكن تمتنع من المشاركة بسبب نظرة المجتمع الدونية للرياضة النسائية وضغط الأسرة عليها.
من ناحيتها أشارت مرام البحري لاعبة بنادي البشائر إلى أن أبرز التحديات التي يواجهنها كلاعبات كرة قدم في السلطنة هي قلة مستوى الحكمات والمدربات المساهمات في تطوير هذه الرياضة وعدم توفر دورات تدريبية ترتقي بمستوى اللاعبات حيث ذكرت أنه : “لابد من تأهيل وتدريب الحكمات، وتطوير مستوى اللاعبات من خلال الدورات التدريبية والمعسكرات سواء للحكمات أو اللاعبات. كذلك توفير الصالات الرياضية واتاحتها في جميع الأوقات، لتنجب وقوع اللاعبات في ضغط المباريات المتتالية.”
وأضافت المزينية أن الدعم المالي المقدم لقطاع الرياضة بشكل عام لازال ليس بالحجم الذي يلامس تطلعات المجتمع الرياضي، فنحن بحاجة لاستثمار أكبر في مجال الرياضة والمرافق الرياضية التي تخدمها وتدفع بالرياضة النسائية وكرة القدم النسائية بشكل خاص عاليًا.
إعلام
وأشارت السمري إلى أن رغم توفر نشرات أسبوعية ويومية ونشر مقالات عن كرة القدم النسائية، إلا أن هناك نقص واضح في الدعم الإعلامي لهذه الرياضة، والتغطيات الإعلامية الحالية لا تليق بأول دوري رسمي لكرة القدم النسائية بعمان، حيث يتوجب وجود قوة إعلامية وفق حدود تحترم خصوصية اللاعبات وتوضح اللعبة بشكل إيجابي، فالإعلام سلاح ذو حدين قد يؤثر سلبًا إن كانت التغطية غير مؤطرة باحترام لعادات المجتمع الذي سيغضب من نشر صور لا تليق به وربما يتخذ الآباء قرار إبعاد بناتهم عن هذه اللعبة.
وأشارت مها جنود أن الإعلام العماني حاول نشر ثقافة كرة القدم النسائية، ولكن هناك عائق العادات والتقاليد، فهناك تجنب واضح من اللاعبات للمصورين ووسائل الإعلام المرئية.
كما ذكر الدروشي “إن قلة الزخم الإعلامي لهذه الرياضة ساهمت في تطورها واستمرارها بشكل غير مباشر، لأن الحضور الإعلامي القوي قد ينتج عنه ردود فعل سلبية عن هذه الرياضة من خلال نشر بعض الصور التي قد لا يتقبلها المجتمع رغبةً لإنشاء جدلية مجتمعية.”
منافسات
وتشير جنود أن الدوري السابق هو بداية مميزة لكرة القدم النسائية في عمان، من ناحية التنظيم والإعداد، كذلك وجود كوادر عمانية بالكامل تتولى الإشراف على هذه اللعبة، ووجود لاعبة واحدة فقط غير عمانية من بين كل اللاعبات المشاركات يدل على صحة انطلاقة كرة القدم النسائية في عمان.
وأضافت أن انتقاء اللاعبات للمنتخب الوطني يعتمد في الفترة الحالية على مخرجات الدوري والمسابقات فقط، فنحن للآن لا نملك لجان كشافة للكشف عن المواهب والكفاءات في مختلف المحافظات في السلطنة.
من ناحيتها أشارت المزينية أنه قد تم تنظيم الدوري الأول بأكثر مستوى احترافي، من ناحية نظام تسجيل اللاعبات، وجميع من في الأجهزة الفنية بالأندية، وتوفير دعم للأندية المشاركة، وتقديم كل التسهيلات الممكنة من قبل اتحاد كرة القدم العمانية التي تشجع أكبر قدر من الأندية وتدفعهم للمشاركة، كذلك بالنسبة لطريقة إدارة المباريات كان هناك حرص كبير في اتباع اللوائح والأنظمة المتعارف عليها دوليًا، وسبق ذلك تأهيل شريحة كبيرة من الفتيات العمانيات في مجالات التحكيم ومراقبات للمباريات.