الصحوة – عهود بنت ناصر الجرادية
بتنظيم من وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات؛ تستضيف جامعة السلطان قابوس حاليا مسابقة “عمان الجامعية للبرمجة” في نسختها التاسعة بمشاركة أكثر من 200 طالبا وطالبة من مختلف جامعات وكليات السلطنة؛ ومسابقة “الخليج للبرمجة” في نسختها العاشرة بمشاركة 3 دول خليجية هي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت؛ وكلا المسابقتين تستهدفان طلبة تخصصات علوم الحاسب الآلي وتقنية المعلومات لتحفيزهم على تعلم لغات البرمجة وتطوير مهاراتهم في حل المشكلات والتفكير المنطقي باستخدام الخوارزميات.
وخلال تنظيم المسابقتين التقت “الصحوة” بالدكتور محمد بن خلفان البدوي مؤسس أكاديمية البرمجة والمدير الإقليمي لمسابقة “عمان للبرمجة” ورئيس لجنة التنظيم للحديث عن أهمية البرمجة في مختلف المجالات والقطاعات ودار بيننا الحوار التالي:
أكاديمية البرمجة
بدأ حديثنا مع الدكتور محمد البدوي بسؤاله عن أكاديمية البرمجة والأدوار التي تقوم بها والذي أجاب بقوله: “أن الأكاديمية عبارة عن معهد للتدريب والاستشارات في تقنية المعلومات ويسعى للتعريف بأساسيات البرمجة التطبيقية وعلوم الحاسب الآلي والروبوت والذكاء الاصطناعي بطرق إبداعية مبتكرة؛ بهدف تشجيع الشباب والناشئة على الانخراط في مجال التطويرالتقني، كما تقوم الأكاديمية بدور مهم في نشر المعرفة التقنية لجميع الفئات من خلال مسابقات البرمجة ودورات متخصصة في تطوير القدرات التقنية التي يحتاجها سوق التكنولوجيا لطلبة المدارس والجامعات والموظفين والباحثين عن عمل وتنمية خبراتهم في مختلف التقنيات الحديثة المتعلقة بالثروة الصناعية الرابعة والثروة الرقمية”.
وسيلة تواصل
سؤالنا التالي كان عن ماهية البرمجة ومدى أهميتها في حياتنا اليومية؛ ويجيب البدوي موضحا بأن البرمجة هي وسيلة التواصل بين البشر “المبرمجين” والآلة ومن خلالها يقوم المبرمج بكتابة الأوامر والتعليمات البرمجية للأجهزة الالكترونية مثل الحاسب الآلي والهاتف النقال من أجل تنفيذ وتحقيق المهام المطلوبة.
ويتابع البدوي حديثه:” هناك مثل شهير يقول أن “الأمي ليس من لا يعرف يكتب ويقرأ، وإنما لا يعرف البرمجة”، ولا يمكن أن يختلف اثنان في أن البرمجة تلعب دورا مهما في عصر التكنولوجيا وعصر الثروة الصناعية الرابعة، ومن أنها باتت ضرورية في حياتنا اليومية وأن العديد من الأنشطة الحياتية للإنسان تعتمد على تطبيقات مصممة بلغات البرمجة.
ويضيف البدوي: إذا ما نظرنا حولنا نجدها متداخلة في كل ما يحيط بنا من أجهزة وتطبيقات وإنترنيت وغيرها، بل إننا أصبحنا نبدأ حياتنا بالبرمجة ونختمها بالبرمجة، مشيرا إلى أن البرمجة هي أساس تطوير علوم الحاسب الآلي المتوفرة في هذا العصر؛ فمنها نشأت الحوسبة بجميع أشكالها سواء كانت الحوسبة السحابية والحوسبة الكمية والحوسبة التخصصة وتطبيقات الهاتف الذكي وتطبيقات المواقع الإلكترونية المتخصصة.
مبادرات تقنية
وحول تقدم السلطنة في هذا المجال، يقول الدكتور محمد البدوي: ” عند تسليط الضوء على جهود السلطنة في هذا المجال نجد السلطنة مهتمة بشكل ملفت للنظر وتبذل جهودا مضاعفة لتطوير وتعزيز علوم الحاسب الآلي؛ وقد أكد على ذلك مولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق في الخطاب الافتتاحي على أهمية الاهتمام بتقنية المعلومات في عصرنا الحالي. ويتابع البدوي حديثه: “لا تخلو جامعة أو مؤسسة تعليمية من تدريس تخصصات متعلقة بالبرمجة مثل جامعة السلطان قابوس وغيرها؛ كما أن هناك الكثير من المبادرات التي تبناها الجهات الحكومية والخاصة تتعلق بالبرمجة وعلوم الحاسب الآلي مثل مبادرة “مكين” لتنمية مهارات الشباب العماني في المجال التقني، ولا ننسى دور شركات القطاع الخاص مثل أكاديمية البرمجة والقرية الهندسية في تنظيم المبادرات الصيفية والشتوية التي تستهدف الناشئة وطلبة الجامعات على وجه العموم.
توعية مجتمعية
وبسؤاله عن مدى إقبال الطلبة لهذا المجال؛ يقول البدوي: “بحكم كوني أستاذا مشاركا في جامعة السلطان قابوس لوقت طويل كنا نعاني من نقص في هذا التخصص قبل حوالي 3 سنوات، أما الآن فقد أصبح التنافس على المقاعد شديد جدا، وهذا أن دل على شيء فإنه يدل على وعي الطلبة ووعي أولياء الأمور بأهمية هذا التخصص، ودورالإعلام وبرامج التواصل الاجتماعي في نشر التوعية المجتمعية بأهمية الثقافة التقنية، وأيضا لا ننسى الموجهين والمشرفين الاجتماعيين في المدارس ودورهم في توجيه الطلبية وإرشادهم للإلتحاق بهذا المجال”.
تحديات وصعوبات
وبسؤاله عن أبرز التحديات التي يواجهها المبرمج العماني، يجيب البدوي: “أن هناك بعض التحديات والصعوبات التي يواجهها المبرمج العماني منها المناهج الدراسية التي يجب تطويرها بناء على المناهج العالمية؛ وهذا ما يحد من قدرة مطوري المناهج في السلطنة من تطوير المناهج العمانية؛ وإلى جانب ذلك؛ كان هناك بعض التحديات المتعلقة بضعف الاهتمام بمثل هذه المبادرات والمسابقات المهمة؛ ولكن قامت وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات مشكورة بتبني هذه المسابقة بالتعاون مع جامعة السلطان قابوس والشركة العمانية للاتصالات (عمانتل) وأكاديمية البرمجة؛ الأمر الذي يعتبر إيجابيا ويساعد المتخصصين في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات عموما في تطوير مهاراتهم عبر المشاركة والتنافس مثل هكذا مسابقات؛ كما أن للوزارة مبادرات رائعة تحت مظلة المبادرة الوطنية لتأهيل الكفاءات الرقمية (مَكِين) والتي نتمنى استمرارها.
نصائح للخريجين
ويوجه البدوي الرغبين في الانضمام في هذا التخصص ببعض النصائح بقوله:”هناك حكمة شهيرة تقول الوقت لا يكون متأخرا أبدًا؛ فمن له شغف في التطوير في هذا المجال يقوم باستغلال المصادر المفتوحة والإنترنت لتعلم كل ما هو جديد ومتعلق بالبرمجة، والمشاركة في المبادرات المتاحة التي تقدمها بعض الجامعات مثل مسابقات الذكاء الاصطناعي ومسابقات الريبورت لاكتساب الخبرات وتطوير التفكير التقني”.
واختتم البدوي حديثه ببعض النصائح للخريجين بقوله: “دائما أقول أن المبرمجين يغيرون العالم، كونوا مغيرين ومنتجين؛ لا مستهلكين، وتكمن الانتاجية بالاهتمام بتعلم البرمجة والتعليم الذاتي واستغلال الوقت في تطوير وتنمية المعرفة التقنية من خلال المصادر المتاحة من مناهج دراسية ودورات تدريبية وعدم إهدار الوقت في الاستفادة العكسية من البرمجة وإدمان الألعاب الإلكترونية”.