الصحوة – منال بنت محمد المقبالية
عقوق الآباء للأبناء ظاهرة يتجاهلها الكثير و ربما يكون طرحا جديدا أن نتحدث عن عقوق الآباء لأولادهم، فعند سماع كلمة «عقوق» ينصرف الذهن مباشرة إلى عقوق الأبناء للآباء والأمهات، إلا أن كثيرًا من الناس لا يعلمون أن هناك نوعًا آخر من العقوق فى العلاقة، وهو عقوق الآباء للأبناء.
وذلك انطلاقا من مسؤولية الآباء تجاه الأبناء، والتي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: “كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته”
اتساع الفجوة ونمو الجفوة بين جيل الأبناء والآباء، وتطورها إلى عقوق الوالدين للأبناء وعدم الوفاء بحقوقهما الشرعية في الرعاية والتربية والتنشئة تؤدي لظهور تلك المخاطر التي تصل إلى شذوذ أخلاقي مخالف لفطرة العلاقة الأسرية الطبيعية.
فهناك عدة صور للعقوق منها :
١- اختيار الاسماء السيئة
٢- التفرقة في المعاملة بين الابناء
٣- عدم الانفاق على الابناء
٤- اجبار الابناء على الالتحاق بكليات معينة …وغيرها من الصور
سنركز في طرحنا على أهم صورة من صور العقوق وهي عدم الانفاق على الأبناء.
ألزم الله تعالى الآباء بالإنفاق على أطفالهم الصغار المحتاجين، حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز: «لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه الله لا يكلف الله نفسًا إلا ما أتاها سيجعل الله بعد عسر يسرًا)، فالأب الذي لا ينفق على أطفاله يضيع الأمانة التي منحها الله إياها، وهذا إثم سيحاسب عليه بالطبع.
ولأهمية النفقة على الأبناء نجد أن قانون الأحوال الشخصية في المادة (60) حرصت على نفقة الأبناء ورتبها في الآتي:
أ- نفقة الولد الصغير الذي لا مال له على أبيه، حتى تتزوج الفتاة، ويصل الفتى إلى الحد الذي يكتسب فيه أمثاله، ما لم يكن طالب علم يواصل دراسته بنجاح معتاد.
ب- نفقة الولد الكبير، العاجز عن الكسب لعاهة أو غيرها على أبيه، إذا لم يكن له مال يمكن الإنفاق منه.
ج- تعود نفقة الأنثى على أبيها أو من تجب عليه نفقتها غيره إذا طلقت أو مات عنها زوجها ما لم يكن لها مال.
د- إذا كان مال الولد لا يفي بنفقته، ألزم أبوه بما يكملها ضمن الشروط السابقة.
وللأسف الشديد عندما يصل الأمر، وجود خلاف وشقاق بين الأب والأم نجد الضحية الأبناء، حيث يمتنع الأب عن الانفاق عليهم، فيتجرد من ابوته ويتخلى عنهم ويهمل رعايتهم والإنفاق عليهم فتوكل المهمة للأم التي ستواجه الحياة مع تركة أبناء يجب عليها أن تقوم بكامل المسؤولية تجاههم والأعظم من ذلك إذا كان للأب زوجة أخرى وابناء آخرين فيعمد إلى عدم العدل بينهم في العطية والنفقة كأنه ينتقم لنفسه من طليقته أو زوجته فيميز بين أولاده ويفرق بينهم في أمور الحياة فيكون سبب للعقوق، وسبب لكراهية بعضهم لبعض، ودافع للعداوة بين الأخوة، وعامل مهم من عوامل الشعور بالنقص، وظاهرة التفريق بين الأولاد من أخطر الظواهر النفسية في تعقيد الولد وانحرافه، وتحوله إلى حياة الرذيلة والشقاء والإجرام .
فالمفاضلة بين الأولاد خطيرة، ومن أعظم العوامل التي تسبب الانحراف عن منهج الشريعة الصحيحة، والصراط المستقيم، بل سبب مباشر للعقوق.
وجاء قانون الطفل في مادته (28) للطفل الحق في مستوى معيشي ملائم يفي بمتطلبات نموه البدني والعقلي والنفسي والاجتماعي، وتقع على عاتق الوالدين مسؤولية تأمين المستوى المعيشي المناسب لهم، وأيضا ألزمت المادة الانفاق على الأبناء وتحصيل نفقة مناسبة ما دام الولي مسؤول عنهم.
العقوق من أمراض المجتمع، والتي يجب الانتباه لها
وفي النهاية.. انطلاقًا من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يعول) ننصح الآباء بالامتثال لأمر الله وأداء واجباتهم تجاه فلذات أكبادهم رغبةً وحبًا لهم وحرصًا على مصالحهم.