الصحوة – محمد بن سعيد القري
أصبح العالم في سباق سريع مع معطيات الذكاء الاصطناعي إثر تنامي قدرات الآلة وما يمكن أن تحدثه وتحققه على كافة الأصعدة، واستشراف حظوة الذكاء الاصطناعي على الإنسان في الكثير من المجالات، والذي أصبح ـ الإنسان ـ نفسه يتوجس من انقلاب السحر على الساحر في النهاية، إلا أن تنبؤات ترى بصيص أمل وظهور فرص أخرى. على سبيل المثال، خلق وظائف تتطلب التعامل مع الذكاء الاصطناعي.
ومن بين الأمور التي ينظر إليها في هذا الجانب تهيئة المجتمع ـ بكافة شرائحه ـ للمرحلة القادمة، والتي تتطلب تكاتف كافة المؤسسات لتحقيق الهدف السامي لاستخدام الآلة، وأيضا وضع نظام يدرأ ما يمكن أن يكون سببا لاستخدامات أو تعاملات لها آثار سلبية اقتصادية أو اجتماعية وغيرها.
وتعبيرا لاستشراف المستقبل كان من بين الموضوعات التي ناقشها اجتماع وزراء التربية والتعليم السابع لدول الخليج هو دور الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية.
وبالنظر إلى ما أشارت إليه الدكتورة مديحة بنت أحمد الشيبانية وزيرة التربية والتعليم حول أن “الموضوعات المدرجة جاءت متسقة مع المستجدات العالمية التي فرضت على الأنظمة التعليمية تحولات غير مسبوقة ومن بينها موضوع الذكاء الاصطناعي. وأن مجال تقنية المعلومات والثورة المعلوماتية أسهم في رقي الإنسان وتحقيق التنمية الاقتصادية والرفاهية الاجتماعية والاقتصادية مما يقتضي من أنظمتنا التعليمية حماية القيم الأخلاقية والدينية والحفاظ على النسيج الاجتماعي في مجتمعاتنا الخليجية. مشيرة كذلك إلى أن الاجتماع يتزامن مع إصدار منظمة اليونسكو لوثيقة المبادئ الإرشادية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في سياسات التعليم وخططه الرئيسة والذي سيكون عبارة عن خارطة طريق لتوجيه تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الخطط الرئيسة للتعليم … “.
هكذا نقلت لنا الصحف اليومية ما جاء من كلمة لمعاليها في الاجتماع، والذي يؤكد بأن وزارة التربية والتعليم تعمل على تهيئة دورها في مجال الذكاء الاصطناعي لتشمل مختلف المستويات: الطالب والمعلم والمنظومة التعليمية وأولياء الأمور والتهيئة حتى لما بعد مرحلة التعليم في المدرسة ليتطور إلى مجالات التعليم الجامعي والتخصصات الداعمة وكذلك فرص العمل المحتملة في المستقبل.
إن موضوع الذكاء الاصطناعي أصبح الشغل الشاغل على مجريات الحياة الاجتماعية والعملية وحتى التعليمية، إلى درجة أن الكثير من المؤسسات التعليمية العليا أصبحت تعاني من قدرة الطلاب على الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في إعداد البحوث وحل المسائل التي ينبغي على الطالب أن يفكر فيها للحصول على الإجابات والتي أصبحت واقعا تحاول بعض المؤسسات الأكاديمية التعامل معه بضوابط، للتحقق من كل ما ينجزه الطالب.
أفكار ربما تكون قريبة للاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتطبيقها في العملية التعليمية بل ستكون ناجحة في تفعيل دور المدرسة والمعلم على السواء. وطرق التدريس المؤثرة وتحليل البيانات المفيدة التي تمكن من التخطيط الجيد للبيئة التعليمية، وتجهيز الدروس، والمراجعة الذكية، حتى تنظيم الجداول وتحديد مستويات الطلاب أنفسهم وغيرها الكثير. وربما سيظهر جيل جديد ينساق طبيعيا مع تيار الذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة، وحينها لابد من فهم هذه الشخصية الجديدة وكيفية التعامل معها لتواكب مع المتغيرات التي يحتاجها سوق العمل، والذكاء الاجتماعي والصناعي وما لا تعلمون.
إن المسألة أيضا لم تعد مجرد تطبيقات يمكن رفعها في الهواتف النقالة أو الأجهزة اللوحية عموما، ومعرفة استخدامها. بل لابد من وضع تنظيم وتقنين ومعرفة الخطورة التي يمكن أن تشكله، ومحاولة بقدر المستطاع ـ وهذا هو لب الموضوع ـ توجيه المستخدمين والطلاب خاصة التوجيه الصحيح الذي ينمي قدراتهم ومعارفهم وبناء مهاراتهم بعيدا عن الاعتماد الكلي على التقنية في كل شيء، لأن ذلك قد يخلق الاتكالية التي تخلق لدى الأشخاص جمودا في التفكير ربما له عواقب سلبية‘ إضافة إلى ما تشكله الالواح الالكترونية من إغراءات التسلية، والألعاب، والركض خلف التفاهات التي تقوض الهمم، وتضعف حتى أواصر العلاقات الاجتماعية، كما هو الحال عند اجتماع أية أسرة أو عائلة لمناسبة معينة ـ حيث تجد كل فرد ـ في الأغلب ـ مشغول بهاتفه ومجموعاته.
وبما أن الشاشات أصبحت واقعنا وأصبح الطفل والشاب وكبار السن أيضا مستخدمين لها كل باهتماماته، ورغباته، وهواياته، واستثماراته. شيء طبيعي أن تفكر المؤسسات بالطريق السوي للاستفادة من هذه الثورة. لذلك كان لابد من المدرسة، أن توطد دورها في مجال التكنلوجيا والتقنية، بتوعية الطلاب، عن محاسنها ومخاطرها، وكيفية استخدامها، وتوجيه النشء التوجيه الصحيح، وحتى التعرف على جرائمها ومحذوراتها.
لذلك أليس من المنطقي أن توظف طاقات خريجي التأهيل التربوي في تخصص تقنية المعلومات لتعينهم معلمين بشكل عاجل لمواجهة الموجة العاتية من التقنية والثورة الصناعية الرابعة وما تليها في ظل الواقع الذي يفرض نفسه على المجتمعات والمؤسسات والدول شئنا أم أبينا؟